وإن أرادوا أهل الكبائر ولو كانوا مصرين أو مبتدعين ، هلكوا مع عدم الشروط التي يكفر الله بها الخطايا من التوبة وأخواتها ، فقد افتروا على الله كذبا ، وضلوا ضلالا بعيدا حين جعلوه يبدل القول لديه.
وأما قول الشيخ - رضي الله عنه - : ( وندين بأن المنافقين غير مشركين ) اعلم أن الشيخ قال : وندين بأن المنافقين غير مشركين . وإنما أراد أن المعنى الذي صاروا به منافقين من جهة الأفعال .
وقد اختلفت الأمة في هذه المسألة فقال جل الأمة : إن المنافقين إنما نافقوا من جهة الاعتقاد ، لأنهم اعتقدوا خلاف ما أظهروا ، ليس النفاق في الأفعال بشيء ، وهو قول السنية والمعتزلة والروافض من الشيعة .
وأما قول الأباضية بأسرها : إن النفاق في الأفعال دون الاعتقادات . وبعضهم يقول : إن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مشركون ، والنفاق بعد رسول الله عليه السلام في فعل الكبير .
واعلم أن اسم النفاق اسم شرعي ، ولكل واحد من هؤلاء الأفراق متعلق .
وقول الشيخ : ( وندين ) أراد به ونصوب ، ولم يؤثر اختلافهم في تغيير شيء من أحكام الإسلام إلا في قول من أبطل العقاب على الكبير ، فإن اتخذه ديانة هلك وإلا صار من جهلتنا .
واعلم أن النفاق هو الخفاء مأخوذ من نافقاء اليربوع كما تقدم ، فكان ذلك في زمان خوفهم من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأخفوا ما بطن من معاصيهم .
وأما اعتقادهم ، فأخفى ، ولم يعلم ما في اعتقادهم إلا من جهة القرآن . فقال هؤلاء : صاروا منافقين بإظهار الشهادة والاعتقاد . وأخفوا المعاصي . وقال هؤلاء : بإظهار الشهادة . وأخفوا الاعتقاد.
لا يصح الحكم على الاعتقاد إلا من جهة الكتاب ، وقال للرسول عليه السلام : ( لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ) .
पृष्ठ 42