عودته إلى استراتفورد
وما كاد ينتصف به العمر حتى بدأ يهدأ ويتدبر مطالب الحياة، ويسعى جاهدا في معاودة العيش في العشيرة، والإخلاد إلى الحياة المنظمة، فعاد إلى استراتفورد، بعد هجرتها أحد عشر عاما، وإن ظل يزورها مرة على الأقل في كل عام، فاشترى في عام 1597 أكبر بيت في القرية لقاء ستين جنيها، وكان للبيت مخزنان للغلال وحديقتان، فعكف على إصلاحه، وعني بالحديقتين، ولعل هذا القدر اليسير من المال الذي اشتراه به يساوي اليوم 1540 جنيها. وقد سمي يومئذ «المكان الجديد»، وجعل الناس يدعونه قرية «الغني الوجيه». وزاد في نفوذه أنه استعان بأبيه على الظفر بشعار النبالة، وأصبح معدل إيراده السنوي من التمثيل والتأليف المسرحي كبيرا، وعندما تم تشييد مسرح «جلوب» في عام 1599 بدأ يتلقى حصة من أرباحه، فارتفع إيراده إلى مائة وثلاثين جنيها أو ما يساوي اليوم نحو ثلاثة آلاف، ثم نما على الأعوام أيضا، فأصبح رب ضيعة كبيرة وكان مولعا بالقضايا، كثير الدخول في المنازعات أمام المحاكم، وكثيرا ما كان يخرج منها كاسبا موفقا.
في أخريات أيامه
وقد أخرج أحسن رواياته في تلك الفترة السعيدة من حياته وهي جميعا قصص مرحة خفيفة الظل، ثم تلتها بعد عام 1600 ثلاث أخرى يغلب الجد عليها وهي: يوليوس قيصر، وهملت، وعطيل.
وفي عام 1606 أتم «مكبث»، ثم «الملك لير» التي مثلت في بلاط «هوايتهول» خلال شهر ديسمبر عام 1606.
والظاهر أنه انصرف عن التأليف للمسرح بعد عام 1611، ولبث مقيما في استراتفورد أكثر أيامه.
وبدأت صحته تعتل في بداية عام 1616، ولكن لا يعرف أحد أسباب وفاته، وكان ابنه الأوحد «هانمت» قد قضى نحبه قبل ذلك بعدة سنين، وقد ترك من بعده زوجه وابنتيه «سوسنة هول» و«جوديث كويني»، وكانت منيته في الثانية والخمسين، ودفن في كنيسة استراتفورد وكتبت على قبره أبيات من شعره البديع.
مقدمة المسرحية
(1) مصادر القصة: من أين استقى الشاعر موضوعه
تحوي هذه المسرحية المرحة حادثين؛ أولهما يتصل بثلاثة أبطال، وهم «هيرو، وكلوديو، ودون جون»، ويكاد هذا العنصر يبدو جادا في جملته، لا فكاهة فيه، والآخر مرح كله، ويتصل بشخصيتين بديعتين، وهما «بياتريس» و«بنيديك»، وإلى جانب هذين القسمين، عنصر إضافي ثالث تسري الفكاهة في جميع نواحيه، وهو يدور حول شرطي عجيب يدعى «دوجبري»، وصاحب له يسمى «فارجس»، والحراس الذين يعملون بإمرتهما، ويكشفون المكيدة التي كادها الحقد لاتهام «هيرو» العذراء بالخيانة والإثم. ولو حذفنا هذا العنصر الفكه من القصة، لفقدت خير ما فيها من متعة، وجردت من أبدع ما احتوته من فكاهة.
अज्ञात पृष्ठ