दादावाद और सर्यालीवाद: एक बहुत छोटा परिचय
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
سمح السرياليون بشكل منتظم للمدينة بأن تخترق أنفسهم، وأن تحدد أفعالهم أيضا. بحلول أوائل الثلاثينيات، كان هذا جزءا من عملية جدلية بشكل ذاتي الوعي، أمسى فيها الجزء الباطن الذي سبق أن ساد الكتابات والفنون السريالية، في طباق مع إملاءات الواقع الخارجي. إن الأحداث اليومية التي بدت نتاج المصادفة فحسب - كاللقاءات العارضة ظاهريا على قارعة الطريق - اعتبرت مناظرة للحاجة النفسية. كان مبدأ «المصادفة الموضوعية» هذا محوريا لأعمال سريالية بعينها في أوائل الثلاثينيات، مثل رواية بريتون المسماة «الأواني المستطرقة» (1932)، وقامت عليه «لقاءات» مع «أغراض عثر عليها بالمصادفة» غامضة ومهمة بذاتها؛ تلك اللقاءات التي عاشها السرياليون خلال زياراتهم المنتظمة لأسواق السلع المستعملة بباريس.
مثل هذه الأفكار المتعلقة بكيفية اجتياز مساحات المدينة، تعد - من عدة أوجه - بمنزلة تصور إيجابي للتجربة الحداثية، وهذا أمر تتفرد به السريالية. ومع ذلك، جدير بالملاحظة أنه استنادا إلى أفكار والتر بنيامين، شدد كتاب أمثال هال فوستر على أنه على العكس من تأييد فكرة «تقدمية» للحداثة أو التحديث، يمكن النظر إلى تأكيد السرياليين على «المهجور» - كما في إصلاح وترميم مواقع مثل «ممر الأوبرا» - باعتباره نقدا للرأسمالية، وكأن أطلال الماضي تعود إلى الحياة كي تسكنها. ومن هذا المنطلق، على الرغم من انغماس السرياليين في شبكة إشارات المدينة، يمكن القول بأنهم لا يلقون مرارة حيال تبعات المشهد المدني بقدر ما يفعل، مثلا، دادائيو برلين.
حدد هذا الفصل مكان كل من الدادائية والسريالية في العالم؛ إذ بين كيف اكتسبتا معاني حداثية للتشعب، وسمحتا «للحداثة» بالتغلغل في إنتاجهما وأساليب حياتهما. لقد رجحت كفة متطلبات الحياة دوما أمام متطلبات الفن، ولكن مهما حقرت الدادائية والسريالية من الفن، فقد حقق المشاركون فيهما شهرة واسعة أساسا كممارسين للفن؛ ولذا، آن الأوان لأن نستسلم ونلتفت إلى الجوانب الجمالية.
الفصل الثالث
الفن ونقيض الفن
قال أندريه بريتون وهو يناقش الجماليات ذات مرة من وجهة نظر سريالية، إن الطريقة التي ترسم بها الصورة غير ذات أهمية فعليا؛ فالمهم وحده هو الواقع الذهني الذي «تطل عليه» الصورة.
إن أفضل طريقة لتقييم تميز توجه بريتون هي الإشارة إلى الجماليات الحداثية للناقد كليمنت جرينبرج، التي هيمنت على النقد الفني بعد زوال السريالية في أواخر الأربعينيات. شدد جرينبرج على «النقاء» التخصصي؛ فالرسم ليس هدفه الإطلال على واقع آخر، بل يراد منه أن يلفت الانتباه لذاته كنظام فني، وأن يتعاطى مع المشكلات الجوهرية في الرسم، وقد أكد جرينبرج أن مشاق هذا المسعى من شأنها أن تفضي إلى نيل درجات من العزم الرسمي أو الجمالي.
كان النقاء التخصصي والرسمي لعنة على أغلب ممارسي الدادائية والسريالية؛ ففي إنتاجاتهم، تداخلت دوما تخصصاتهم الفنية؛ فظل النصي والبصري والأدائي عادة في حالة تخلخل حر. ومن المنطلق نفسه، يبدو «الجمال» الرسمي مسعى غير ذي صلة إذا نظرنا إلى العالم الذي كان الفنانون يعيشون فيه؛ لقد كانوا متخبطين على أي حال حيال الفن كمؤسسة؛ حيث تعهد الدادائيون دوما بهدمه. وبالنظر إلى كل من الإنتاج الفني والأدبي الدادائي والسريالي في هذا الفصل، يتعين علينا دوما أن نضع نصب أعيننا هذا التناقض الراسخ ما بين الفن التقليدي والنقاء الجمالي.
لا شك أن جرينبرج بذل قصارى جهده من أجل تشويه ما يمثله الدادائيون والسرياليون؛ ففي مقالة عن السريالية نشرت عام 1945، انتقد جرينبرج ما اعتبره الأساس «الأدبي» لما يمثلونه؛ وعلى الرغم من أن هذا التوجه يبدو الآن عتيقا نوعا ما، فإنه ما برح متماسكا بشكل مدهش. يوصم الفنانون السرياليون أمثال دالي أو ماجريت كثيرا بأنهم «أدبيون»، بينما ينظر إلى الدادائيين على أنهم غير جادين بالقدر الكافي؛ نظرا لانشغالهم بالمحتوى العابث أو الساخر، لكن بالنسبة إلى فناني الدادائية والسريالية، كان هذا النوع من النقد يخطئ المغزى من عملهم. كان هؤلاء يفتخرون بظهورهم بمظهر الأدباء، وبأن لديهم التزاما محددا تجاه كل ما هو شعري. استوعب الدادائيون والسرياليون كلمة «شعري» بصفة عامة بالطريقة التي كان الكتاب والفنانون الرومانسيون في القرن التاسع عشر استوعبوها بها؛ أي باعتبارها «حالة للروح» أو نمطا من أنماط الوعي لا شكلا من أشكال الممارسة. وإجمالا، فالطريقة المثلى لفهم الجماليات الدادائية والسريالية ليست عبر الأفكار التقليدية للجمال، بل من خلال فكرة «التوجه» الشعري تلك.
بالنظر إلى تفوق الشعر، فاللغة - أو بالأحرى الإشارة اللغوية - تدعم دوما أعمال ممارسي الدادائية والسريالية، وسيتجلى ذلك في الكثير مما يلي، لكن غايتي الأساسية هي تحديد سلسلة من الفروق المميزة فيما يختص بالسبل الفنية والإجرائية التي حقق بواسطتها ممارسو الحركتين نتائج شاعرية. سيوضع استغلال الدادائية للمصادفة في مواجهة مع الاستخدامات السريالية «للآلية»، وستوضع تقنيات الدادائية مثل الكولاج والتجميع الصوري في مواجهة مع تقنيات السريالية مثل الرسم والتصوير الفوتوغرافي، كما سيوضع فن القطع الفنية الجاهزة للدادائية في مواجهة مع الغرض السريالي، وهكذا دواليك. ولكن، المكان الواضح الذي يتعين البدء منه هو الشعر نفسه.
अज्ञात पृष्ठ