दादावाद और सर्यालीवाद: एक बहुत छोटा परिचय
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
آمن بريتون وزملاؤه «القضاة» بأن بارس - الذي أعجب به تحديدا أراجون ذات مرة - خان التزامه نحو الضمير الفردي الواضح في رواياته في ثمانينيات وتسعينيات القرن الثامن عشر؛ وبذلك فقد استسلم إلى التحول إلى اليمين في السياسة الفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى ؛ ولذا استغل بريتون المحفل الدادائي لا للتشتيت ولكن للتمحيص في مجموعة متجانسة من الأفكار، ولو أنها أفكار تعدت بشدة على الاهتمام الوليد للجماعة السريالية بحقوق الهجرة. كان هذا الحدث أيضا تمرينا على السياسة الثقافية. ومما أثار ازدراء تريستان تزارا، الذي أصيب بالذعر من أن الدادائية يمكن أن تتبنى موقفا انتقاديا؛ أن بريتون يمهد للانتقال إلى برنامج طليعي متكامل، وهي العملية التي ستفضي في نهاية المطاف إلى انعقاد «مؤتمر باريس»، السالف ذكره في الفصل الأول، ومنه إلى السريالية.
شكل 2-2: صورة فوتوغرافية للمحاكمة الصورية لموريس بارس في 13 مايو 1921. من اليسار إلى اليمين: لويس أراجون، شخص مجهول الهوية، أندريه بريتون، تريستان تزارا، فيليب سوبو، ثيودور فرانكل، الدمية التي تمثل بارس، جورج ريبيمون-دوسينييه، بنجامين بيريه، وغيرهم من رفاقهم في الدادائية.
إذا كانت «المحاكمة الصورية» السريالية البدائية ترتبط بعلاقة متنافرة بعفوية كباريه فولتير الدادائي، فثمة حدث أكثر حداثة، وهو هذه المرة معرض للحركة السريالية المتكاملة الأركان، يقدم لنا تباينا صارخا مع معرض الدادائية الذي أقيم في برلين. إجمالا، كانت تجهيزات المعارض تقليدية إلى حد كبير في السنوات الأولى للسريالية، ولم تشرع الجماعة في تجربة تصميم المعرض كما فعل الدادائيون، إلا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر - إلى حد كبير بغية استعراض دولية الحركة. وكان المعرض الدولي للسريالية، الذي عقد في معرض جورج ويلدينشتاين للفنون الجميلة بباريس عام 1938، نقطة تحول محورية.
التمس بريتون مواهب الدادائي السابق مارسيل دوشامب لتجهير هذا المعرض، وأصدر دوشامب أوامره بتعليق 1200 كيس من الفحم المغبر المحشو بالصحف بشكل مشئوم، أعلى المساحة الرئيسية للمعرض التي أضيئت بواسطة مبخرة مشتعلة فحسب؛ ومن ثم كان من الصعب رؤية الأعمال المعروضة، وفي الافتتاح تم تزويد الزائرين بمصابيح كاشفة. وعزز من الجانب الليلي لمساحة العرض وجود سريرين ضخمين؛ كل واحد منهما في زاوية من زوايا القاعة.
كانت هناك نقاط مضيئة دراماتيكية أخرى؛ ففي فناء البناية، استطاع الزائرون أن يختلسوا النظر إلى عمل سلفادور دالي «سيارة أجرة مطيرة»، ليجدوا أمام أعينهم تمثال عرض أزياء على هيئة أنثى شبه عارية تعج بالحلزونات، وتستقر على المقعد الخلفي في شلال من الماء. وعندما يدلف الزائرون إلى المعرض، يضطرون إلى المشي بطول «شارع تماثيل عرض الأزياء»، ومن ثم يسمح لهم افتراضيا «بالاختيار» من بين 16 تمثال عرض أزياء، كل منها يرتدي زيا مثيرا جنسيا، يفهم منه أنها ل «بائعات هوى»، وأن كلا منها نتاج خيالات فنان سريالي مختلف.
شكل 2-3: عرض لتجهيزات المعرض الدولي للسريالية بمعرض الفنون الجميلة بباريس، 1938.
تتباين هذه المؤثرات تباينا شاسعا عن تلك التي استخدمها دادائيو برلين بمعرضهم. كلتا الجماعتين شرعتا في بث الاضطراب والتشويش، لكن السرياليين كانوا كما هو واضح معنيين بإغراءات فانتازيا اللاوعي بدلا من الصدمات المادية التي يفضلها الدادائيون. من الواضح أن الأحلام كانت تستدعيها الزخارف الليلية للقاعة الرئيسية للمعرض المقام عام 1938، بينما استثار «شارع تماثيل عرض الأزياء» حلم يقظة مثيرا جنسيا بطريقة غريبة على الغرائز الساخرة الدادائية. وشأنهم شأن الدادائيين، استغل السرياليون ديكور المعرض كوسيلة لاستقطاب الدعاية، لكن انشغالهم بعالم الأزياء تجاوز إلى حد كبير انشغال أسلافهم؛ فقد استعيرت تماثيل عرض الأزياء مثلا من بيوت أزياء رائدة، ولم يكن من قبيل المصادفة أن شرع سلفادور دالي في التعاون مع إلسا شياباريللي في العام السابق فيما يختص بتصميم الأزياء. وفي الوقت الذي سخر فيه الدادائيون من التجارة بمعرض الدادائية، يمكننا أن نرى أن السرياليين متواطئون معها نوعا ما. وباعتراف الجميع، ارتبط ذلك ارتباطا وطيدا بالشكل الدولي الذي كانوا مصرين على ترسيخه؛ حيث أقيم معرضان سرياليان دوليان في براغ ولندن عامي 1935 و1936 على الترتيب؛ وحقيقة الأمر أن معرض الدادائية ببرلين يكاد يبدو ضيق الأفق بالمقارنة. ولكن، إلى حد ما، خاطر السرياليون «ببيع» منتجاتهم للعالم التجاري. لو كانت «المحاكمة الصورية» التي عقدت عام 1921 استعراضا للحزم الأيديولوجي للجماعة، فقد كشف المعرض الذي أقيم عام 1938 كيف أن نزعته إلى الدعاية يمكن أن تهدد آراءها السياسية، وستظهر هذه الفكرة مجددا لاحقا.
أن تكون دادائيا، وأن تكون سرياليا
إلى الآن، استعرضنا الأحداث، فلنتحول بعد ذلك إلى الأشخاص أنفسهم. لو أن المبادئ الدادائية والسريالية روجت بأقوى نزعة استراتيجية ممكنة في عروضهم ومعارضهم، وغالبا مع الوضع في الاعتبار الممارسات التجارية، فإلى أي مدى انصب تركيز شعراء وفناني الحركتين على بناء السمعة الشخصية؟ علام كان ينطوي كون المرء دادائيا أو سرياليا؟
إننا نميل بشكل عام للنظر إلى الدادائية والسريالية باعتبارهما مترادفتين تسلكان سلوكا عجيبا، وهناك العديد من الأمثلة داخل الدادائية تحديدا تدعم هذه الفكرة، ولعل أقوى الروايات تلك المتعلقة بآرثر كرافان. ولد كرافان في سويسرا عام 1887، وكان ابن أخت أوسكار وايلد، وعاش عيشة الترحال في العديد من الأماكن الأوروبية. في باريس، بين عامي 1912 و1915، نشر مجلة أدبية فاحشة بعنوان «الآن»، وكرسها لإهانة أعضاء حركة الطليعية الفنية، وبحلول عام 1916، ارتحل إلى برشلونة حيث تحدى بطل العالم في الملاكمة في الوزن الثقيل جاك جونسون للقتال. كان كرافان ببنيته القوية ملاكما هاويا، واعتاد أن يعلن عن نفسه قبل اشتباكاته بقائمة لا يصدقها عقل من بيانات الاعتماد على غرار: «لص الفنادق، والداهية، والحاوي، والسائق»، وغير ذلك من الأسماء؛ وأيا كانت مؤهلاته، لم يكن أهلا لجونسون الذي أطاح به في الجولة السادسة. ومن غير المدهش أن الدادائي فرانسيس بيكابيا، الذي كان بصدد نشر دوريته «391» أثناء تجواله في برشلونة، أمسى مؤيدا متحمسا لكرافان. وعندما ظهر كرافان عام 1917 في أمريكا، طلب إليه مارسيل دوشامب أن يلقي محاضرة أمام «جمعية الفنانين المستقلين» (التي سنتناولها بإسهاب لاحقا). قدم كرافان عرضا دادائيا ملائما؛ حيث وصل سكران، وخلع ملابسه، وأخيرا اعتقلته شرطة نيويورك، بعد ذلك اختفى كليا عام 1918، وساقته شهوة حب السفر والتجوال إلى المكسيك؛ حيث من المعتقد أنه انطلق في قارب تجديف إلى بوينس آيريس، ولم يره أحد بعدها قط.
अज्ञात पृष्ठ