ومن أضل عند الله وأهلك، أو أشد عذابا عند الله أو آفك، ممن تخلف عن الحق وهو يعرفه، وسوف بإلاقبال عليه. فكذلك لعمر أبي الجفاة الرافضين(1) للحق والمحقين، المتأولين في ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يجعل الله إلى التعلق به سبيلا. أشد عذابا عند الله وآلم تنكيلا، ممن لم يعرف ما افترض الله عليه في الجهاد، فهو يتكمه في البلاء(2) متحيرا عما اهتدى إليه غيره من العباد، فنعوذ بالله من التخلف عن أمره، والصد عن سبيله، فلا صد يرحمك الله أصد، ولا جرم عند الله أشد؛ من جرم من تخلف عن الحق؛ ممن نظر(3) إليه من السواد الأعظم من الكبراء وبه يقتدي العوام من العلماء والجهلاء، بل تخلف من كان كذلك ثم تخلف(4)؛ فقد عطل ورفض الحق، وأضعف دعوة الصدق؛ لأن كثيرا من ضعفة المؤمنين يقتدون بأفاعيله، لثقتهم به، واتكالهم على دينه(5)، ونظرهم إلى عزيمته، إذ قصرت عزائمهم، وصغرت عن كثير من ذلك بصائرهم، فهم له أتباع في كل أمره، لا يعدلون عن قوله ورأيه، ولا يفعلون إلا بفعله، وإن نهض نهضوا، وإن أقام أقاموا، وإن نصر نصروا، وإن خذل خذلوا، فكلهم مأخوذ بنفسه؛ إذ هو مقصر عن مدى غيره، والمنظور إليه منه فمأخوذ بهم؛ إذ علم أنهم إليه ينظرون، وإياه ينصرون.
पृष्ठ 622