दावा लिल फलसफा
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
शैलियों
8
الظلام المحيط به وأثبت أن كتابا بنفس العنوان ليامبلخيوس (أحد أتباع الأفلاطونية المحدثة 270-330م) يضم جزءا كبيرا أخذ بنصه الحرفي من كتاب أرسطو، وتوالت محاولات العلماء من مختلف بلاد العالم لتفسير النص وتحقيق أسلوبه ومفرداته ومحتواه والتأكد من صحة نسبته لأرسطو، ويطول بنا القول لو حاولنا تتبع أسمائهم وتفاصيل الاختلافات التي دارت ولا تزال دائرة بينهم
9
إذ يكفينا في هذا التقديم أن نتناول الجوانب التاريخية العامة ونعرض لتحليل الكتاب ونشأته ومضمونه. •••
أهدى أرسطو كتابه إلى أمير قبرصي مجهول هو «ثيميسون»، ويبدو أنه وجه بهذا الإهداء ضربة بارعة إلى خصومه وأثبت لهم أنه قد نزل إلى ساحة الميدان الذي ظل وقفا عليهم. ومع أن الظروف والأحوال السياسية في ذلك الحين ليس لها علاقة مباشرة بمضمون الكتاب، فإن الهدف الحقيقي من ورائه هو رد سهام هؤلاء الخصوم (وبخاصة إيزوقراطيس
10
صاحب خطبة «الأنتيدروزيس» التي انتقد فيها منهج التعليم والتربية في الأكاديمية، ورئيس إحدى المدرستين الفلسفيتين المتنافستين في أثينا) الذين هاجموا المعرفة النظرية، وأوحوا إلى الشباب أن الفلسفة - بوصفها معرفة خالصة - لا ضرورة لها ولا فائدة منها في الحياة العملية، وأن السعادة تكمن في استقامة السلوك والعمل الطيب وحده.
ولهذا فإن الدعوة البليغة التي يحملها الكتاب إلى التفلسف دعوة موجهة في الواقع إلى الشباب الأثيني المتزاحم على أبواب المدرستين المتنافستين، وهي حث له على حياة التأمل التي هي وحدها الحياة الخليقة بالإنسان. •••
يبدأ أرسطو دعوته بالإشارة إلى أهمية الفلسفة والتساؤل عن الفضيلة والخير، ويبين أن كليهما لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق معرفة مطابقة له، فبغير هذه المعرفة يصبح امتلاك الخيرات الخارجية من ثروة وقوة وجاه خطرا يهدد الإنسان ويضره أكثر مما ينفعه. هذه المعرفة هي التي تضفي على تلك الخيرات قيمتها، وهي في الحقيقة تفوقها في القيمة؛ لأنها لم توجد لأجلها فحسب، وإنما هي قيمة في ذاتها، بل هي القيمة العليا التي تجعل لكل ما عداها قيمة؛ وبذلك ينتهي الغرض الأول بإثبات أن الفلسفة ممكنة.
ثم يشتبك المعلم الأول في مجادلة الخصوم الذين يشكون في هذه النتيجة ويروجون بين الشباب أن الفلسفة لا ضرورة لها في الحياة العملية ولا جدوى منها، ويرد على هذا الاعتراض القديم المتجدد أبدا بأن الفلسفة جديرة بالسعي إليها لذاتها؛ لأنها أسمى خير يمكن أن يبلغه الإنسان، ولما كانت الغاية الطبيعية للإنسان هي ممارسة العقل فإن الحياة العقلية المكرسة للتأمل والنظر هي مهمته الحقيقية وواجبه الأول، وبها يبلغ كماله ويجد سعادته، وإذا كان البعض يتهم هذه الحياة بأنها غير نافعة، فإن أرسطو يبين أنه لا يصح التقليل من قيمتها بالنسبة للمشرع والسياسي، وبهذا يثبت أن الفلسفة «نافعة».
अज्ञात पृष्ठ