46

दावा लिल फलसफा

دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو

शैलियों

إذ يبدو أن كل ما عدا ذلك إنما هو ثرثرة حمقاء ولغو فارغ.

تعليقات وشروح

(ب2-5) تقوم الفكرة الأساسية في هذه الفقرات من النص على أن سمو الخلق في ظل الفقر أفضل من الجاه والغنى مع الشر والانحطاط، وأن السعادة لا تتوقف على امتلاك الخيرات والمظاهر الخارجية بل على الحالة النفسية الطيبة . وقد انطلق أرسطو من أفكار مشابهة وردت في محاورات أوريثيديموس (278ه/282د) والدفاع (29د ه) والقوانين (661أ ب) لأفلاطون، أما في الفكرة التي ترد في الفقرة (ب3) عن التعساء الذين يقدرون الثروة أكثر مما يقدرون خيرات النفس فيمكن الرجوع فيها إلى جمهورية أفلاطون (7-1، 1323أ 23-35) والأخلاق الأويديمية (8-3، 1248 ب27-37). (ب6) يعتمد النص في هذه الفقرة على عبارة الإسكندر الأفروديسي (في شرحه لطوبيقا أرسطو)، والتي يذكر فيها كلام أرسطو عن ضرورة التفلسف أو عدم ضرورته في كتابه الحالي (البروتريبتيقوس)، أما العبارة المشهورة التي تحدثنا عنها في المقدمة عن ضرورة التفلسف في كل الأحوال فلم ترد في هذا الكتاب بنفس الصيغة المأثورة، وإن كانت الفقرة الأخيرة منه (ب110) تعبر عن معناها تعبيرا واضحا. (ب7-9) يبدو أن «يامبليخوس» تدخل في هذا النص بالاختصار والتعديل الشديدين، ولعل أرسطو كان يعبر في الأصل عن الأفكار التالية التي نقدمها بترتيب الفقرات: (1)

نريد أن نتناول بالبحث دور الفلسفة في الحياة العملية، وخصوصا أهميتها بالنسبة للسياسي أو رجل الدولة. (2)

إن الجسد والأشياء المادية مجرد أدوات، وسوء استخدام هذه الأدوات مضر، وضررها يصيب من يسيء استخدامها أكثر مما يصيب غيره؛ ولهذا ينبغي علينا تحصيل العلم بطريقة استخدام الأدوات، وتشتد ضرورة هذا التحصيل عند السياسي لأنه أحوج الناس إليه. (3)

ربما يكون أرسطو قد تعرض ضمنا لتفرقة أفلاطون الحاسمة بين التفكير والإدراك الحسي. فالموضوعات التي يحققها الفكر هي المثل المتعالية. ولهذا يتحرك الفكر الخالص في عالم آخر هو عالم المعقولات المجردة، ومن هنا يختلف العلم عنده اختلافا حاسما عن الرأي أو الظن ولا يتطابقان بحال. وإذا تتبعنا النزعة الحسية عند أرسطو كما عرضها في كتاباته عن النفس وجدنا أن صور المخيلة هي التي تحقق الملكة الموجودة في العقل بالقوة تحقيقا فعليا، أي أنها تتحقق في العقل الذي يمكن أن يعد في هذه الحالة مرحلة راقية من ملكة التصور والتخيل. بهذا يكون الفرق عنده بين العلم والرأي فرقا في الدرجة فحسب (إذ لا يحتاج العلم أن يكون مختلفا عن مجرد الرأي، بشرط أن يقوم هذا الأخير على أساس متين، قارن الطوبيقا 6-2، 139 ب33، والتحليلات الثانية 1-2، 72 ب3). والملاحظ على كل حال في هذا الموضع وفي الكتاب كله أن أفكار أرسطو تبدأ من التجربة لتنتهي إلى النظر الخالص، وذلك على العكس من أفلاطون الذي يبدأ عادة من النظر - ليصل أو لا يصل - إلى عالم التجربة.

وهذا في الواقع تعبير عن التعارض الأساسي بين تفكير الرجلين ومنهجهما في البحث، أما عن العبارة التي تبدأ بها هذه الفقرات من النص «لما كنا نتوجه بحديثنا إلى أناس من البشر لا إلى أولئك الذين لهم حياة ذات طبيعة إلهية ... إلخ» فهي تذكرنا بعبارة مشابهة لأفلاطون تقول: إن علينا أن نتكلم عن البشر لا عن الآلهة (القوانين 732ه). فهل يحق لنا أن نسأل: أكان أرسطو متأثرا بأفلاطون، أم تأثر أفلاطون بأرسطو؟! (ب10-17) تلمس هذه الفقرات فكرة أرسطو عن «الغائية». وهي الفكرة التي تتوج مذهبه وتطبعه بخاتمها. ولقد هوجمت فلسفته ولا تزال تهاجم بسبب هذه الفكرة، وأدينت ولا تزال تدان بتهمة تعويق تطور العلم الطبيعي الذي لا يبحث ولا ينبغي له أن يبحث عن الغاية، وإنما يدرس أسباب الظواهر وعلاقاتها ببعضها البعض ليصوغها في النهاية في صورة رياضية وإحصائية تمثل قانونا عاما يحتمل التعديل. والحق أن فكرة الغائية عند أرسطو ليست فكرة تأملية مجردة كما يتصور بعض الباحثين، وإنما تقوم على وقائع تجريبية وتلخص عددا من أفكاره الأساسية، والعبارة التالية من «الكون والفساد» (2-10) تمثل رأيه فيها: «إن الكون والفساد دورة خالدة (أزلية أبدية)، ولهذا الاستمرار سبب لا غبار عليه، وأقصد به انتظام الطبيعة (قانونيتها) وأنها تسعى دائما إلى الأفضل.» وتلتقي في الغائية بعض تصوراته الرئيسية: حضور العام أو «الصورة» (الأيدوس)

1

في حياة الطبيعة المبدعة؛ الخشوع والإجلال لدورة السماء ذات النجوم - وهي الدورة التي تخضع لقوانين يستطيع العقل البشري أن يعرفها ويحسبها - الجمال الرائع الذي يتجلى في كل كائن حي ناضج مزدهر، سواء أكان هذا الكائن الحي نباتا أم حيوانا أم إنسانا (مصداقا لقوله في «أجزاء الحيوان»: إن الغاية النهائية التي من أجلها ينشأ شيء أو يكون قد نشأ، هذه الغاية حلت محل الجميل (1-5، 645أ 25))، وأخيرا الحقيقة الثابتة التي تؤكد أنه من بذرة واحدة ينشا فرد من نفس نوع الفرد الذي تولدت عنه تلك البذرة، ومن ثم يلد الإنسان الإنسان، كما تقول عبارته التي يكررها في كثير من كتاباته. والغائية - شأنها شأن أغلب أفكار أرسطو الرئيسية - مستلهمة عن نبع أفلاطون الجياش وإن كانت تأخذ على يديه صورة أخرى مختلفة عن صورتها عند أستاذه (قارن دورة الكون والفساد بالدورة الحيوية كما ترد على لسان ديوتيما في خطبتها المشهورة في محاورة المأدبة). ويعبر كلام أرسطو في الفقرة (ب14) عن نواة فكرته عن الغائية، فإذا كانت الصنعة البشرية - التي تتجه بطبيعتها إلى تحقيق هدف أو غاية - تحاكي الطبيعة، فلا بد أن يكون النظام الطبيعي نفسه غائيا، بل إن الفيلسوف الذي يرتفع فوق العمال اليدويين وأرباب الحرف العاديين يقتبس نماذجه من تأمل «الطبيعة نفسها»، والسمو والرفعة المذكوران في الفقرة (ب16) يبرزان غائية أرسطو في أوضح صورة، فالسامي هنا مرادف للكامل والإلهي (انظر الأخلاق النيقوماخية 1-12). وكل ما أبدعته الطبيعة في رأيه إلهي (أجزاء الحيوان 1-5، 645أ 15-20). أما الحيوانات الدنيا فهي ناقصة أو غير سامية، وربما يرد أرسطو بهذا على كاتب آخر أراد أن يفسر الغاية الطيبة التي تقصد إليها الطبيعة فتصور أن كل الحيوانات ضارة ومؤذية. أما العبارة الأخيرة في (ب17) «إننا نعيش لكي نفكر في شيء ونتعلم.» فهي متفقة مع عبارتين أخريين وردت الأولى أثناء كلامه عن فيثاغورس وتأكيده أن الإله أوجد الإنسان لكي يعرف وينظر (ب20)، وجاءت الثانية في معرض كلامه عن فاعلية النفس وأنها هي التفكير والنظر. (ب18-21) لا تزال هذه الفقرات من النص موضع اختلاف كبير بين العلماء؛ إذ يشك البعض في صحة نسبتها إلى الكتاب الحالي، والعبارتان المنسوبتان إلى فيثاغورس وأنكساجوراس مذكورتان في (الأخلاق الأويديمية 1-5، 1216أ 11)، ويلاحظ من النص أن أرسطو يصف الطبيعة بأنها إلهية ويجعلها في كثير من الأحيان مرادفة للإله (انظر ب50 من النص) ومن المعروف أن إله أرسطو هو المحرك الأول الذي لا يتحرك كما أن «الإلهي» يشمل الطبيعة كلها (انظر كتاب الميتافيزيقا، مقالة اللام 9، 1074أ 38 ب14، وكذلك 7، 1072 ب29) وعبارته المشهورة التي يقول فيها: «إن الإله والطبيعة لا يصنعان شيئا عبثا أو باطلا» (عن السماء 1-4، 271أ 33) تؤكد أن الإله عنده هو الطبيعة نفسها (انظر كذلك المؤلفات المجموع تحت اسم أبقراط، وكذلك مسرحية الطرواديات ليوريبيدز، البيت 886). أما ما يقوله في (ب20) عن نظام الكون أو أي طبيعة أخرى فلعله يشير إلى الطرفين المتقابلين؛ دراسة الطبيعة والبحث فيها على طريقة الفلاسفة الطبيعيين أو الأيونيين وعلى طريقته هو نفسه من ناحية، وتراث البحث الذي يبدأ من ناحية أخرى بالإيليين ويبلغ ذروته في نظرية أفلاطون عن المثل ومبادئ الوجود.

ويرجح الأستاذ «ديرنج» سقوط أجزاء من النص كانت تقع بين الفقرتين 20، 21 وهو أمر يدعو للأسف؛ لأن الفقرة الأخيرة توحي بأن أرسطو كان يمهد لفقرة لم تصل إلينا عن الصلة بين التبصر الخلقي والتبصر النظري، بين استخدام العقل في التفكير لتحقيق الغاية من وجود الإنسان، وواجبه أن يعمل كل شيء من أجل الخير الكامن في نفسه. ولا غرابة في أن نتوقع إضافات مفقودة؛ لأن هذا الجمع بين «النظر والخير» هو أساس التراث المتصل من سقراط وأفلاطون حتى أرسطو الذي تقوم عليه النزعة الإنسانية القديمة بأكملها.

अज्ञात पृष्ठ