आसमान का बुलावा: बिलाल बिन रबाह
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
शैलियों
كان إذا فرغ من الأذان وأراد أن يعلم النبي عليه السلام أنه قد أذن وقف على الباب وقال: حي على الصلاة! حي على الفلاح! الصلاة يا رسول الله. فإذا خرج رسول الله فرآه بلال ابتدأ في الإقامة.
وقيل في خصائص أذانه: إنه كان يؤذن حين تدحض الشمس ويؤخر الإقامة قليلا. أو ربما أخرها قليلا، ولكن لا يخرج في الأذان عن الوقت. وربما ترنم ببعض الشعر وهو صاعد للأذان رثاء لحاله وطلبا للتوبة والرحمة من الله. ومن ذاك أنه سمع وهو يقول:
ما لبلال ثكلته أمه
وابتل من نضح دم جبينه
وكان من عمل بلال في صحبة النبي عليه السلام قبل بناء المصلى أنه كان يحمل العنزة بين يديه ويركزها حيث تقام الصلاة، وكانت هذه العنزة إحدى عنزات ثلاث أهداها نجاشي الحبشة إلى النبي عليه السلام، فأمسك واحدة لنفسه وأعطى كلا من علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب واحدة، واختص بلالا بحمل العنزة بين يديه أيام حياته، فكان يحملها في العيدين وفي أيام الاستسقاء ويركزها حيث تقام الصلاة، وقيل: إنه كان يمشي بها بين يدي الصديق في خلافته، ثم جعل سعد القرظ يمشي بها بين يدي عمر وعثمان بوصاة من بلال، وهي العنزة التي احتفظ بها الولاة يمشى بها بين أيديهم بعد عهد الخلفاء.
وقد آخى النبي في المدينة بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين بلال وخالد أبي رويحة الخثعمي، وقيل بل بينه وبين أبي عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، أو بين أبي عبيدة بن الجراح، وهو على ما يظهر لبس في الأسماء، والأول هو الأرجح لبقاء الصلة بين بلال وأبي رويحة إلى أن فرقت بينهما الوفاة.
ويبدو من أحاديث النبي عليه السلام لبلال أنه كان يصطفيه؛ لأنه أهل لاصطفاء التربية والتعهد بالنصيحة والتعليم، فكان يقول له: يا بلال! أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله، وكان يقول له: عش فقيرا يا بلال ومت مع الفقراء، وربما عهد إليه في تفريق ما يفضل من المال عنده وقال له: انظر حتى تريحني منه. فيرى بلال القدوة في سيده ونبيه فإذا هو من خيرة المقتدين، ويظل على هذه القدوة حتى فارق الحياة.
وقد أري النبي عليه السلام أنه سمع دف نعلي بلال بين يديه في الجنة، فسأله بعد الصلاة: يا بلال! حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة، فإني سمعت الليلة دف نعليك بين يدي في الجنة ... فلم يذكر بلال زهده ولا جهاده ولا صبره على العذاب ولا أمانته وتسليمه. بل قال: «ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي.»
فكان اصطفاء النبي هذا الصديق المؤمن الأمين اصطفاء المربي الكبير للرجل تثمر فيه التربية والقدوة الحسنة كما يثمر فيه الصنيع الجميل، ويحب للطف محضره كما يحب لخلوص طويته وفضائل نفسه، وقد كان كالحارس الملازم لشخص النبي عليه السلام في طويل صحبته بين الحرب والسلم والإقامة والسفر، ولكنه عليه السلام لم يكن يتخذه حارسا يحميه كما يحمي الحراس الأمراء والسلاطين، وإنما كان يستصحبه في إقامته وسفره استصحاب الحراس لأنه كان يستريح إلى رؤيته والشعور بصدق مودته ووفائه، وكانت مودة بلال لمولاه وهاديه تبدو منه حيث يريد وحيث لا يريد، فإذا اشتد الهجير في رحلة من الرحلات أسرع إلى تظليله بثياب الوشي والنبي لا يسأله ذلك، وإذا تهيئوا للقتال ضرب له قبة من أدم يرقب الموقعة منها، وجعل يتردد بينها وبين الميدان ليطمئن عليه ويتلقى الأمر منه، فلم يفرقهما موقف ضنك ولا موقف خطر، ولم ينقض يوم إلا جمعتهما فيه الصلوات الخمس ومجالس العظة والحديث، ما لم يكن في غيبة قصيرة لشأن من شئون الدين الذي لم يكن له شأن سواه.
ولما فتحت مكة أمره النبي عليه السلام أن يقيم الأذان على ظهر الكعبة فأقامه والمشركون وجوم يغبطون آباءهم لأنهم لم يشهدوا ذلك اليوم ولم يسمعوا ما سمعوه فيه، ودخل النبي الكعبة، فكان في صحبته ثلاثة هم عثمان بن طلحة صاحب مفاتيحها وأسامة بن زيد ابن النبي بالتبني، وبلال.
अज्ञात पृष्ठ