एकांत और अलगाव
العزلة والانفراد
अन्वेषक
مسعد عبد الحميد محمد السعدني
प्रकाशक
مكتبة الفرقان
प्रकाशक स्थान
القاهرة
وَأَثْمَرَتْ عِيدَانُهَا، وَلَزِمَهُ حُزْنُ مَا يُحْزِنُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَخَالَطَ سُوَيْدَاءَ قَلْبِهِ، فَهَاجَ مِنَ الْخَلْوَةِ فُنُونٌ مِنْ أُصُولِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا صَارَ الْعَبْدُ إِلَى دَرَجَةِ الْخَلْوَةِ، وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَدَامَ عَلَيْهِ، نَقَلَهُ ذَلِكَ إِلَى حُبِّ الْخَلْوَةِ، فَأَوَّلُ مَا يَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: طَلَبُ الْعَبْدِ الإِخْلاصَ وَالصِّدْقَ فِي جَمِيعِ قَوْلِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَوَرَّثَتْهُ الْخَلْوَةُ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنْ غُمُومِ الدُّنْيَا، وَتَرْكَ مُعَامَلَةِ الْمَخْلُوقِينَ فِي الأَخْذِ وَالإِعْطَاءِ. وَسَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمُدَاهَنَةُ النَّاسِ. وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: خُمُولُ النَّفْسِ، وَالإِغْمَاضُ فِي النَّاسِ، وَهُوَ أَوَّلُ طَرِيقِ الصِّدْقِ، وَمِنْهُ الإِخْلاصُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الزُّهْدُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ، وَالأُنْسُ بِاللَّهِ وَالاسْتِثْقَالُ بِمُجَالَسَةِ غَيْرِ أَهْلِ الذِّكْرِ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ، طُولَ الصَّمْتِ فِي غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَغَلَبَةَ الْهَوَى، وَهُوَ الصَّبْرُ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: شُغْلُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ، وَقِلَّةُ اشْتِغَالِهِ بِذِكْرِ غَيْرِهِ، وَطَلَبُ السَّلامَةِ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: كَثْرَةُ الْهُمُومِ وَالأَحْزَانِ، مِنْهُ مَا يُهَيِّجُ الْفِكْرَ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ وَمَخْرَجُهُ مِنْ خَالِصِ الذِّكْرِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الأَعْمَالُ الَّتِي تَغِيبُ عَنْ أَعْيُنِ الْعِبَادِ وَتَظْهَرُ لِلَّهِ، وَقَلِيلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الصِّدْقِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: التَّيَقُّظُ مِنْ غَفْلَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَفَقْدُ أَخْبَارِ مَا يُذْكَرُ مِنْهَا فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: قِلَّةَ الرِّيَاءِ، وَالتَّزَيُّنِ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي الإِخْلاصِ، وَهُوَ مَحْضُ الصِّدْقِ.
وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: تَرْكَ الْخُصُومَةِ وَالْجِدَالِ، وَهُمَا يَنْفِيَانِ طَلَبَ الرِّئَاسَةِ، وَيُسْلِمَانِ إِلَى الصِّدْقِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: إِمَاتَةُ الطَّمَعِ وَدَوَاعِيهِ مِنَ الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَفِيهِ قُوَّةٌ لِلْعَمَلِ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: قِلَّةَ الْغَضَبِ، وَالْقُوَّةَ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ، وَتَرْكَ الْحِقْدِ وَالشَّحْنَاءِ، وَالْعَمَلَ بِسَلامَةِ الصَّدْرِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: رِقَّةُ الْقُلُوبِ وَالرَّحْمَةُ، وَهُمَا يَنْفِيَانِ الْغِلْظَةَ وَالْقَسْوَةَ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: تَذَكُّرُ النِّعَمِ وَطَلَبُ الإِلْهَامِ لِتُشْكَرَ، وَالزِّيَادَةَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُب
1 / 79