कयून तफ़सीर

अहमद सिवासी d. 860 AH
157

कयून तफ़सीर

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

शैलियों

[سورة آل عمران (3): آية 118]

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118)

ونزل نهيا للمسلمين عن مصادقة الكفار والمنافقين «1» (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة) أي صداقة وصفوة (من دونكم) أي من غير جنسكم المؤمنين، مأخوذ من بطانة الثواب لقربها من البدن، أي لا تقربوهم «2» أنفسكم بالصداقة والخلة فتطلعوهم «3» على أسراركم، ومحل «من دونكم» نصب بأنه صفة «بطانة»، أي بطانة كائنة من دون أبناء جنسكم مجاورة لكم، ثم أخبر عن سبب نهيه عن المواصلة بهم بقوله (لا يألونكم) أي لا يقصرون في آذاكم (خبالا) أي فسادا بالمكر والخديعة، وهو نصب على التمييز (ودوا ما عنتم) أي أثمتم بربكم، والعنت المشقة، يعني أرادوا أن يضروكم «4» في دينكم ودنياكم أشد الضرر (قد بدت) أي ظهرت (البغضاء) أي العداوة للمؤمنين والتكذيب لهم (من أفواههم) لوقوع هؤلاء الكفار في المسلمين بحيث لا يتمالكون ضبط أنفسهم فيخرج ما يعلمون به من أسرار المسلمين من أفواههم ويطلعونه إلى إخوانهم الكفار (وما تخفي صدورهم) من عداوتكم والبغض لكم (أكبر) مما أظهروا بأفواههم (قد بينا لكم الآيات) أي آيات القرآن الدالة على وجوب الإخلاص في الدين ومصادقة أولياء الله ومعاداة أعدائه (إن كنتم تعقلون) [118] ما بينا لكم فتعلمون به «5»، والظاهر أن الجمل «6» من قوله «لا يألونكم خبالا» «7» إلى ههنا تكون «8» مستأنفات على وجه التعليل للنهي عن اتخاذهم بطانة.

[سورة آل عمران (3): الآيات 119 الى 122]

ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119) إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط (120) وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم (121) إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122)

أتبع النهي بالتوبيخ على مصادقة المنافقين من أهل الكتاب فقال (ها أنتم أولاء) «ها» للتنبيه، و «أنتم» مبتدأ، و «أولاء» خبره، أي أنتم أولاء الخاطئون في موالاة الأعداء من أهل الكتاب، قوله (تحبونهم ولا يحبونكم) بيان لخطئهم في موالاتهم، أي تحبونهم بمظاهرتكم «9» إياهم ولا يحبونكم، لأنكم على خلاف دينهم «10» (وتؤمنون) أي تصدقون (بالكتاب كله) أي بجميع الكتب المنزلة من السماء، وهم لا يؤمنون بكتابكم المنزل من السماء (وإذا لقوكم) أي المنافقون منهم (قالوا آمنا) بمحمد أنه رسول الله (وإذا خلوا) فيما بينهم (عضوا عليكم الأنامل) أي أطراف الأصابع (من الغيظ) أي لأجل الحنق عليكم، وهو غاية الغضب وشدته لما يرون من ائتلافكم ومحبتكم بعضكم بعضا بقوة الإسلام وعزة أهله، فيقول بعضهم بعضا: ألا ترون «11» إلى هؤلاء قد ظهروا وكثروا في دينهم، فقال تعالى (قل موتوا بغيظكم) على وجه الدعاء عليهم، والمراد اللعن والطرد لا على وجه الإيجاب وإلا لماتوا من ساعتهم، أي اثبتوا على غيظكم إلى الممات فتخرجون من الدنيا بهذه الحسرة، وقل لهم (إن الله عليم بذات الصدور) [119] أي بما في القلوب من العداوة للمؤمنين فيجازيهم عليه «12»، ثم قال لتأكيد حالهم (إن تمسسكم حسنة) أي إن يصبكم الظفر والغنيمة كيوم بدر (تسؤهم) أي

पृष्ठ 176