कयून तफ़सीर
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
शैलियों
بعد غروب الشمس وبعد طلوع الفجر في ساعة قبل الإسفرار «1»، فلما رأوا ذلك منه ضحكوا وقالوا: هذا سحر (وأبرئ) أي أشفى (الأكمه) وهو مطموس العين أو الذي ولد أعمى (والأبرص) أي الذي به وضح وإنما خصهما «2» بالذكر للشفاء، لأنهما مما أعيا الأطباء في تداويهما، لأنه بعث زمان الطب، وسألوا الأطباء منهما، فقال جالينوس وأصحابه: إذا ولد أعمى لا يبرأ بالعلاج، وكذا الأبرص إذا كان بحال لو غرزت الإبرة فيه لا يخرج منه الدم لا يقبل العلاج، فرجعوا إلى عيسى، وجاؤا بالأكمه والأبرص، فمسح يده بعد الدعاء عليهما فأبصر الأعمى وبرئ الأبرص، فآمن به البعض وجحد البعض، وقالوا: هذا سحر، روي: أنه أبرأ في يوم واحد خمسين ألفا من المرضى «3»، ثم قال (وأحي الموتى بإذن الله) فسألوا جالينوس عنه، فقال: الميت لا يحيى بالعلاج، فان كان هو يحيي الميت فهو نبي وليس بطبيب، وطلبوا منه، أي يحيي الموتى فأحيى أربعة: عازر وكان صديقا له وابن العجوز الذي حمل على سرير وابنة العاشر ماتت وأتى عليها ليلة وسام ابن نوح، وكان قوم عيسى يقولون: إنه يحيي من كان موته قريبا، فلعلهم أصابتهم سكتة فحييوا «4»، فقالوا له: أحي سام ابن نوح، فقال: دلوني على قبره، فجاؤا به على قبره فدعا الله فأحياه فقال له عيسى: كيف شاب رأسك؟ ولم يكن له شيب في حيوتك، فقال: شاب رأسي حين سمعت صوتا يقول أجب روح الله، فحسبت أن القيامة قد قامت، فشاب من هول ذلك رأسي، قيل: كان موته أكثر من أربعة آلاف سنة «5»، فقال للقوم: صدقوه فانه نبي فآمن به بعض وكفر به «6» البعض قائلين بأنه سحر، وكرر قوله «باذن الله» نفيا لتوهم «7» الألوهية فيه، ثم قالوا لعيسى: أرنا آية نعلم بها أنك صادق، فقال (وأنبئكم بما تأكلون) من أنواع المآكل (وما تدخرون) أي وما تخبئون للغد (في بيوتكم) فكان يخبر الرجل لما أكل قبل وبما يأكل «8» ويخبر الصبيان، وهو في المكتب بما يصنع أهلهم وبما يأكلون ويشربون (إن في ذلك) أي فيما صنع عيسى عليه السلام (لآية لكم) أي علامة لنبوته (إن كنتم مؤمنين) [49] أي مصدقين أنه نبي.
[سورة آل عمران (3): آية 50]
ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون (50)
قوله (ومصدقا) حال معطوف على قوله «بآية»، أي وجئتكم مصدقا بالكتاب الذي أنزل علي، وهو الإنجيل (لما بين يدي) أي لما تقدمني «9» (من التوراة) يعني أنه موافق له في الدين «10» (ولأحل لكم) أي وجئتكم لأن أرخص لكم (بعض الذي حرم عليكم) في شريعة موسى عليه السلام من لحوم السمك ولحوم الإبل والشحوم والثروب، جمع ثرب وهو شحم دقيق يتصل بالأمعاء ولحم كل ذي ظفر، فأحل لهم عيسى من السمك والطير ما لا صيصية له، وهي شوكة الحائك التي بها يسوي السدي واللحمة أو أحل لهم جميع المحرم عليهم، فيكون «بعض» بمعنى كل، قوله (وجئتكم بآية من ربكم) كرره تأكيدا، أي ما جئت لكم إلا ببرهان بين يجب اتباعي به عليكم (فاتقوا الله) فيما يأمركم به وينهاكم (وأطيعون) [50] فيما أدعوكم إليه ولا تخالفوني فيما أنصح لكم.
[سورة آل عمران (3): الآيات 51 الى 52]
إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (51) فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون (52)
(إن الله ربي وربكم) أي إلهي وإلهكم ورازقي ورازقكم (فاعبدوه) ولا تعصوه بالشرك (هذا) أي التوحيد الذي أدعوكم إليه (صراط مستقيم) [51] لا عوج فيه يوصلكم إلى معرفة الله ودخول الجنة (فلما أحس) أي
पृष्ठ 157