============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات الجواب: قال الموحدون: وهذا إنما يجب إذا كان الممتحن إنما يمتحن لنفسه لا لغيره، فأما إذا كان امتحن لغيره فليس يجب ألا يكون عالما بعاقبة أمر الممتحن؛ ألا ترون أن الرجل يقول لصاحب الذهب الذي قد عرف جودته وسلامته من الشوائب: ذهبك هذا فاسد. فيقول: سأمتحنه لك لتقف على جودته فيمتحنه له وإن كان عالما بحاله. والله جل ذكؤه إذا امتحن عبادة، لهم، لا لنفسه؛ إذآ لم يجز في حكمته أن يخالف بين توبتهم من الجزاء إلا بعد علمهم بأحوال أنفسهم التي بها استحقوا ذلك، ولم يجز أن يعمل على علمه فيجعل لهم الحجة عليه، وهذا واضخ بين والحمد لله.
الدلالة على أن صانع العالم واحد وأنه لا يجوز أن يكون أكثر من ذلك مسألة: قال بعض الملحدين: عذوا أنا سلمنا لكم أن العالم محدث، فما الدليل على أن محدثه واحد وليس باثنين وأكثر من ذلك؟
الجواب: قال الموحدون: من الدليل على ذلك: أنهما لوكانا اثنين أو اكثر من ذلك لم يخل الأمر فيهما من: أن يكونا على ما ذهب إليه الثنوية من أنهما جسمان، أو يكونا على ما نقول نحن في الواحد.
فإن قال قائل: إنهما جسمان فقد قام الدليل على حدث الأجسام. وإن كانا على ما نقول نحن في الواحد فإنهما حكيمان، والحكيم لا يدع أن يدل
पृष्ठ 631