उस्मान इब्न अफ्फान: खिलाफत और राज्य के बीच
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
शैलियों
على أن هذا التنافس بين بني هاشم وبني أمية لم يمنع قوما من قرابة رسول الله الأدنين أن يناصبوه العداوة؛ لأنه طعن في دينهم وعاب ما كان يعبد آباؤهم. كان عمه أبو لهب وامرأته حمالة الحطب يؤذيانه أكثر مما كان يؤذيه بنو أمية وسائر قريش. وبقي عمه أبو طالب على دينه مع منعه النبي بكل ما كان له في مكة من جاه وأيد. وإنما أسلم عمه حمزة تعصبا لابن أخيه حين رأى أبا جهل يسب محمدا ويؤذيه. ولم يسلم عمه العباس حتى سار جيش المسلمين لفتح مكة.
لم يكن ذلك من أعمام محمد عجبا يؤاخذهم مؤاخذ به. فللعقائد سلطان على النفس يمسك الأكثرون معه عن مناقشة ما وجدوا عليه آباءهم، لمعرفة ما يحتويه من حق وما يشوبه من باطل، والأقلون الذين أنار الله بصائرهم هم الذين يهديهم الله إلى الحق عن بينة، فلا يتعصبون لباطل متى تبينوا الحق فأضاء آمالهم بنوره. هؤلاء لا تمنعهم عصبية لقبيلة ولا لجنس ولا لعقيدة عن أن يقبلوا على الحق متى دعوا إليه، فإذا اقتنعوا آمنوا به وأصبحوا من أكبر دعاته. كان ذلك شأن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، لم يكن أحد هؤلاء الصحابة من بني هاشم. وكان عثمان بن عفان من بني أمية، فهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. وكان أبو بكر أول رجل أسلم حين دعاه رسول الله بعد بعثه إلى الإسلام. وأذاع أبو بكر بين أصحابه دعوة الحق فتابعه هؤلاء الخمسة وعثمان على رأسهم، ودخلوا في دين الله وآمنوا بالله ورسوله. وهؤلاء الخمسة الذين سبقوا إلى الإسلام واستمسكوا به وحاربوا في سبيله ومات رسول الله وهو عنهم راض، هم الذين جعل عمر بن الخطاب الشورى فيهم، وجعل معهم علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه على ابنته فاطمة. ذلك أن عليا كان أول من أسلم من بني هاشم ثم حضر الغزوات كلها مع رسول الله.
وكانوا لسبقهم إلى الإسلام وصحبتهم رسول الله ذوي مكانة بين المسلمين. وكان لبعضهم برسول الله صلة قرابة أو رحم زادتهم قربا من قلوب الناس. وكان علي بن أبي طالب أقربهم رحما برسول الله وأكثرهم به صلة. وكان ابن عمه أبي طالب بن عبد المطلب، وأبو طالب هو الذي كفل محمدا صبيا بعد وفاة جده عبد المطلب، وهو الذي منعه من قريش بعد بعثه حين بالغت قريش في إيذائه؛ لذلك كفل رسول الله عليا في صباه فوفى بذلك لعمه أبي طالب خير وفاء. ومقام علي مع ابن عمه هو الذي جعله أول من أسلم من الصبيان، أسلم ولما يبلغ الحلم. فلما شب زوجه رسول الله ابنته فاطمة، فكانت معه إلى أن توفيت بعد أبيها بستة أشهر؛ وفاطمة هي أم الحسن والحسين ابني علي.
يلي الزبير بن العوام عليا في القرابة من رسول الله. فأمه صفية بنة عبد المطلب عمة محمد، وهو ابن العوام بن خويلد أخي خديجة أم المؤمنين. وقرابته هذه دفعته فأسلم، وهو ابن ست عشرة سنة ثم لم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله، وذلك بعد أن هاجر الهجرتين جميعا إلى الحبشة فرارا إلى الله بدينه من أذى قريش. وقد بايع رسول الله يوم أحد على العرب. فلما كان يوم الخندق ندب رسول الله من يأتيه بخبر الأحزاب الذين حاصروا المدينة، فانتدب الزبير فقال رسول الله: (إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير بن العوام). وكانت مع الزبير إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة. وكان الزبير إلى قوة شكيمته وشدة بأسه كريما في الناس عزيزا عليهم؛ لهذا أدناه رسول الله وبادله الحب، فلما خط الدور بالمدينة جعل له بقيعا واسعا وأقطعه نخلا. وقد أحبه أبو بكر وعمر كما أحبه رسول الله، فأقطعه الصديق الجوف، وأقطعه عمر العقيق أجمع.
لم يكن لعثمان بن عفان مثل هذه القرابة من رسول الله، فجده أبو العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الجد الخامس للنبي، لكنه كان ختن رسول الله على ابنتيه رقية وأم كلثوم، وكان رسول الله قد زوجهما قبل بعثه من ابني عمه أبي لهب، فلما بعث واشتدت عداوة أبي لهب له أمر ابنيه فسرحا ابنتي محمد. فتزوج عثمان رقية، فهاجرت معه الهجرتين إلى الحبشة، وبقيت معه إلى ما بعد الهجرة إلى المدينة. وقبيل غزوة بدر مرضت فتخلف عثمان عن الغزوة بإذن رسول الله لتمريضها، فلم يغن عنها التمريض فماتت فزوج رسول الله عثمان أختها أم كلثوم، فبقيت معه سنوات ثم ماتت قبل أبيها. قال رسول الله يعزي عثمان: «لو أن لنا ثالثة زوجناك.» ذلك بأن عثمان كان رجلا صالحا لينا حسن المعاشرة كريما، فكان رسول الله يحبه أعظم الحب ويعرف له فضله ورجحان عقله وحسن إيمانه.
ولم يكن صهر عثمان إلى النبي هو وحده الذي أدناه من محمد وحببه إلى قلبه، بل إنه كان كذلك من السابقين الأولين إلى الإسلام، لم يصده عنه منافسة قومه بني أمية لبني هاشم. وقد أثار إسلامه غضب قومه عليه. أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطا وقال له: «تدع دين آبائك إلى دين محدث. والله لا أدعك أبدا حتى تدع ما أنت عليه.» وكان جواب عثمان: «والله لا أدعه أبدا ولا أفارقه.» ورأى عمه صلابته في الحق وشدة استمساكه به فلم يجد بدا من إرساله.
واشتد به أذى قومه من بعد فهاجر إلى الحبشة الهجرتين جميعا، فلما هاجر بعد ذلك إلى المدينة لم يضن على المسلمين بالبذل من ماله الكثير لمعونتهم، بل اشترك بأوفر نصيب في تجهيز جيش العسرة إلى تبوك، واشترى بئر رومة من يهودي ليشرب منها المسلمون، وجعل رشاءه فيها كرشاء واحد منهم. وكان رسول الله قد بعثه سفيرا إلى قريش عام الحديبية. فلما طال مكثه عندهم وظن المسلمون أنه قتل بايع رسول الله أصحابه بيعة الرضوان لقتال قريش ،
6
وضرب بإحدى كفيه على الأخرى بيعة لعثمان كأنه بمحضر مما حدث. وكان عثمان كاتبا من كتاب الوحي. لا جرم، وذلك قربه من رسول الله أن قد كان له بين المسلمين حظوة ومقام كريم.
أما سعد بن أبي وقاص فكان من بني زهرة أخوال النبي، هو سعد بن مالك بن وهيبب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. فهو قرشي زهري. وأمه هي بنت سفيان بن أمية. وقيل: بنت أبي سفيان بن أمية. وكان سعد من أسبق الناس إلى الإسلام. أسلم وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان ذا مال ونعمة يرتدي الخز ويلبس في يده خاتما من ذهب، شهد مع رسول الله الوقائع كلها، ووقف إلى جانبه ودافع عنه يوم أحد حين ولى الناس. وكان له من مواقف البطولة والإقدام ما جعل المسلمين يجمعون على اختياره لمواجهة الفرس في القادسية بعد نكبة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي في غزوة القرقس. وكان لسبقه إلى الإسلام ولشدة تعلقه بالنبي ولبطولته وإقدامه من أحب الناس إلى رسول الله وأقربهم إلى قلبه؛ لذلك كان مما قاله له عمر بن الخطاب يوم ولاه إمارة الجيش الذاهب إلى القادسية: «يا سعد، سعد بنو وهيب، لا يغرنك من الله أن قيل: خال رسول الله
अज्ञात पृष्ठ