القصيدة التي قالها الحارث الرائش في جزء لطيف وسميته المحصول في انتساب بني الرسول. وذلك لما شهدت به من صحة انتسابهم. وقل أن يوجد دليل على صحة نسب أحد من الناس كصحة هذا النسب.
فصل
فلما هلك عامر بن حارثة الأزدي وكان يسمى ماء السماء لجوده وكرمه وقام بالآمر بعده ولده عمرو بن عامر. وتقّل ما كان يتقلد آباؤه من القيام بحفظ المملكة وسد ثغورها واستخراج الإتاوات من أربابها وهو المُسمّى مُزيقياء وفيه وفي ابنه يقول بعض الأنصار
أنا ابن مُزيقيا عمرو وجدّي ... أبوه عامر ماء السماء
إنما سُمي عامر بن حارثة ماء السماء لأنه مان قومه سنة وقد أخلفت السماء فأجدبت الأرض جدبا شديدا فلم يزل يمون قومه حتى مطروا وأخصبوا فسموه ماء السماء لذلك لكونه خلف ماء السماء ومانهم سنة كاملة. وإنما سُمي عمرو بن عامر مزيقياء لأنه كان يلبس كل يوم حلتين ثم يمزقها آيومه يأنف أن يعود فيهما ويكره أن يلبسها غيره. وعُمّر عمرا طويلا يقال أنه بلغ من العمر ثمانمائة سنة. والله أعلم. وفي أيامه كان خراب السُدّ. وكان أوّل من أسس السُّدّ سبأ الأكبر وأسمه عامر وقيل عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان. ثم بناه حمير بن سبأ بعد موت أبيه ثم أتمه بعد ذلك الحميري وهو الصعب بن أبي مرائد. وكان
السّد من جبل مأرب إلى الجبل الأبلق وهما جبلان منفيان على الجبال الشامخة الممتدة من يمين السّد وشماله. وكان ينصب إلى السدّ من أعلى اليمن سبعون واديًا سوى ما يأتيه من الأنهر الصغار وكان ما فوق السّد بستة أشهر يصل إلى ذلك السد. وكان ماء السد يسقي شهرين في شهرين. وكان ما يلي مأرب من شمال السد لبني كهلان وما يلي الأبلق من جنوبي السد لأولاد حمير. وكان ماؤه يقيم من الحول إلى الحول
1 / 21