فدعا له رسول الله ﷺ.
وفي سنة تسع وعشرين " وستمائة " طلع السلطان نور الدين إلى صنعاءَ مرة ثانية وتسلم حصن بكر وكوكبان وحصن براش. وبعث إلى مكة المشرفة أميرًا يقال له ابن عيدان مع الشريف راجح بن قتادة وبعث معهما خزانة كبيرة. وهو أوَّل جيش جهزه إلى الحجاز. فنزلوا الأبطح وحاصروا الأمير الذي فيها من قبل الملك الكامل وكان يسمى طغتكين وكان معه مائتا فارس. فأنفق الطغتكين في أهل مكة نفقة جيدة وحلفهم وتوثَّق منهم. فراسلهم الشريف راجح بن قتادة وذكرهم إحسان السلطان نور الدين أيام كان أميرًا على مكة من قبل الملك سعود. وكانت ولاية السلطان نور الدين في مكة سنة ٦١٧ وفي السنة المذكورة كانت ولادة السلطان الملك المظفر في مكة المشرفة.
فلما راسلهم الشريف كما ذكرنا مال رؤَساؤُهم إلى جيش المنصور فأحس بذلك الطغتكين فخاف على نفسه فخرج هاربًا في من معه إلى ينبع. وكان في ينبع رتبة الملك الكامل وزردخانة وغلة. فأقاموا هنالك وأرسلوا إلى الملك الكامل رسولًا إلى مصر وأخبروه بوصول عسكر صاحب اليمن وما كان من أهل مكة. فجهز الملك الكامل عسكرًا كثيفًا وقدَّم عليهم الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ. فأرسل إلى الشريف سنجة أمير المدينة وإلى الشريف أبي سعد أن يكونا معه. وكانا في خدمة الملك الكامل فوصلوا إلى مكة وحاصروا أبن عيدان والشريف راجحًا وقاتلوهم فقتل ابن عيدان وانكسر اهل مكة وقتل منهم مقتلة عظيمة. وأظهر الطغتكين حقده عليهم ونهب مكة ثلاثة أيام وأخاف أهلها خوفًا شديدًاز فلما علم الملك الكامل بما فعل غضب عليه وعزله واستدعاه إلى مصر وأرسل إلى مكة أميرًا غيره يقال ابن محليٍّ. فوصل إلى مكة في سنة ثلاثين وستمائة.
1 / 55