وكان محرابًا لا يسأم الحرب. وكان صاحب حلم ودهاءٍ وكان يومئذ مقيمًا بزبيدٍ يتولى على البلاد التهامية. وقرر قواعدهُ وسار من محروسة زبيد قاصدًا تعزَّ في شوال من سنة ست وعشرين وستمائة. فحطَّ على حصن تعزَّ وحصرهُ حصرًا شديدًا وضيق على أهله حتى أجهدهم حتى قيل أنهم ابتاعوا من الحنكة فقط بثلاثين ألف دينار ملكية. وفي سنة ٦٢٧ تسلم حصن التعكر وحصن خدد وتسلم صنعاء وأعمالها. وأقطعها أبن أخيه أسد الدين محمد بن الأمير بدر الدين الحسن بن علي بن رسولٍ. فطلع الأمير نجمُ الدين أحمد بن أبي زكريّ حصن براشٍ خائفًا من الملك المنصور.
وفي سنة ٦٢٨ تسلم حصن حبٍّ وبيت عزٍّ وحطَّ على حصن تعزَّ مرةً ثانية فأخذهُ صلحًا على يد القاضي المكين. وتزوّج بنت جودَةَ. وكان زمامها الطواشي نظامَ الدّين مختصُ وكان لبيبًا عاقلًا كاملًا في خدمة الملك.
ثم طلع إلى صنعاء فحطاَّ على براشٍ وفيه الأمير نجم الدين أحمد بن أبي زكريٍ وذلك في شهر رمضان من السنة المذكورة. وفي خلال ذلك وصل إليه الأشرافُ على حصن ذمرمر وهم الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة وأولاده والأمير شمس الدين أحمد بن الإمام وجميع اخوته ووهاَّس بن أبي قاسم فتحالفوا وتعاضدوا وعقدوا بينهم صلحًا عامًا وقالوا له: يا مولانا نور الدين تسلطن في اليمن ونحن نخدمك ونبايعك على أن بني أيوب لا يدخلون اليمن فتبايعوا على ذلك وأشاروا على السلطان بعمارة البرك وأشار نور الدين على الأشراف بعمارة حصن مدّع وثم الصلح بينهم على أحسن الوجوه ولم يجرِ بينهم قتال إلى أيام الإمام أحمد بن الحسين في سنة ٦٤٦ إلاَّ مرة واحدة وسأذكر سبب ذلك في موضعه من الكتاب. فلما انتظم عقد الصلح وصلهم السلطان نور الدين بمال جزيل وخلع سنيه وأقرَّهم على بلادهم فلما افترقوا على الصلح والسداد اضطرب حال الأمير نجم الدين أحمد بن أبي زكريّ وعلم حينئذ أن أسبابه انقطعت فراسل السلطان نور الدين في معنى الصلح. ونزل الأمير نجم الدين من الحصن إلى لقاء السلطان فترجل بين يديه وحمل الغاشية. فخلع عليه السلطان خلعًا سنية وأنعم عليه أنعامًا تامًا وعقد له بكريمتهِ ونزل صحبتهُ إلى اليمن
1 / 53