فلا زالت الأخبار منكم تسرًُنا ... كما سرَّكم في مصر مخبركم عنا
فلما اتصل علم هذه الواقعة بالملك المسعود وبني أيوب إلى الديار المصرية رجع الملك المسعود سريعًا إلى اليمن ولم يستقر له قرار هنالك فكان دخوله حصن تعزَّ يوم الاثنين السابع عشر من شهر صفر من سنة أربع وعشرين وستمائة. فأقام فيها بقيّة صفر وشهر ربيع الأول والثاني وجُمادى الأُولى والأخرى وأيامًا من رجب. ثم تقدَّم إلى الجند. فلما كان اليوم الخامس عشر من شهر رجب وثب الملك المسعود على بني رسول فقبض بدر الدين حسن أبن علّيِ وفخر الدين بن عليّ وشرف الدين موسى أبن عليّ فقيدهم وأودعهم السجن.
قال صاحب العقد: واشتد خوف بني أيوب على ملك اليمن من بني رسول ولم يخافوا أحدًا من العرب ولا من الغُزّ كخوفهم منهم. وذلك لما شاهدوه فيهم من الشجاعة والإقدام وعلة الهمة وبُعد الصيت وحسن السياسة وتمام المكارم الأخلاق واجتياز السيادة وأبتناءِ المجد. واكتساب الحمد. ولأجل ذلك ثمَّ عليهم منهم ما كان الكسر فيه مجبورًا والخصم فيه مقهورًا. وكان أمرًا مقدورًا. ويُقال أنه قبض نور الدين أيضًا. فلما صاروا جميعًا تحت الاعتقال أطلقه من يومه واستخلصه وكان تأنس به كثيرًا ولذلك استنابه في سفرته الأولى وفي الثانية وجعله أتابك عسكره وبعث بإخوته مقيدين إلى عدن قم أرسب بهم في البحر إلى الديار المصرية تحت الحفظ والاعتقال. وكان نور الدين في غاية من العقل والدهاء والجود والكرم وشرف النفس وحسن السياسة وكمال الرياسة. فقلده المسعود أموره كلها. وطلع إلى حقل يحصبُ فأَخذ بلد بني سيف وذلك في ذي الحجة من سنة أربع وعشرين فأقام في الحقل حوًا من ثلاثة أشهر: ثم عاد إلى حصن تعزَّ فأقام فيه مدة. ثم عزم إلى العود إلى الديار المصرية. فتجهز لذلك ونزل إلى محوسة زبيد ثم خرج منها متوجهًا إلى الشام في شهر ربيع الأول من سنة ست وعشرين وستمائة قالع الحاتميُّ: وقال الجنديُّ في سنة خمس وعشرين وستمائة انتهى
1 / 46