عندما جاء الأحد توسلت الفتاة إلى والدها أن يصحبها إلى الحفلة فنزل عند توسلاتها فرقصت مع جميل هاني في وسط القاعة على مشهد من الحاضرين.
كان فريد في مكتبه يوم ذاك فلم يشهد الحفلة؛ وكانت الفتاة قد طلبت منه أن يستأذن مديره ليذهب معها فأبى ذلك قائلا: إن السيد راغب سيبقى في المحطة، فإذا رجوت منه أن يسمح لي بذلك فيشك برصانتي ويعتقد في ما لا أود أن يعتقده.
آه! كان فريد مجردا من حاسة الزهو، وكانت كلمة «الواجب» منطبعة على شفتيه.
أما جميل هاني فمع تعلقه بوظيفته وانتباهه إلى واجبه كان يعرف أن يعطي لكل ساعة حقها؛ فلا يفوته أن يعطي ملحوظاته إلى ابنة أديب ويقول لها مشيرا إلى ثوبها الحريري: هذه الشريطة تليق بردائك وهذه لا تليق به إلى ما هنالك من المجاملات التي تستحسنها النساء.
أما فريد فلم يكن له أقل ذوق في ذلك، فلقد قال ذات يوم للفتاة لبيبة: إنني ما أحببتك مرة كما أحببتك وأنت مرتدية ثوبك اليومي وقبعتك الصفراء. •••
أخذت الفتاة تفكر في أمرها منذ ذلك اليوم وقد استاءت من نفسها؛ لأنها أسرعت في إعطاء وعدها لفريد بدون أن تتروى في الأمر.
وفي ذات يوم شعر الفتى بأن جميل هاني أصبح يتردد كثيرا إلى منزل أديب فجاءها غاضبا وقال لها: إن الفتاة التي ترفض يد شاب لا يحق لها بعد ذلك أن تستقبله في بيتها! فأجابته الفتاة: إن ما تقوله الآن لعادة قديمة! - قديمة عندك وحدك! فلقد تراءى لي أنك تتوددين إليه. - لأنه لطيف معي يا فريد، فهو يختلف عنك اختلافا واضحا! فأنت لا تفتح فمك إلا عندما ترغب في التوبيخ! - يا لبيبة! - أجل، إن اصطلاحاتك في الحب قد بدأت تزعجني يا فريد! ثم يجب عليك أن تعرف أنك في التاسعة عشرة من عمرك ولا يتسع لك أن تتزوج قبل انقضاء خدمتك في الجندية ... فأنا لا يسعني أن أبقى مدة طويلة في منزل والدي حيث أراني أفني شبابي في العمل الشاق كأحقر الخادمات! ... - ولكن أتعتقدين أنك تتملصين من الخدمة في بيتك عندما تتزوجين؟ - لا أدري إلا أنني سأكون سعيدة باتحادي مع جميل هاني! ...
قالت ذلك وأعطته ظهرها وانسلت إلى غرفتها بدون أن تكترث به.
فأطلق فريد زفرة محرقة في صدره وقال: لقد أصابت! فستكون سعيدة مع جميل! إنها لا تحبني! ... فأنا فقير وسمج! إلا أنها خطيبتي، ألم تعدني بالمحافظة على عهدها؟
ثم اتجه إلى غرفته واتكأ على حافة نافذته يفكر! وبعد هنيهة سمع لغطا تحت شجرة الطلح فشخص إلى مصدر الحركة فأبصر المدير وجماعة من النساء بينهن السيدة أديب رافعة ذراعيها إلى السماء وهي تقول: يا إلهي! ... يا إلهي! ...
अज्ञात पृष्ठ