الفصل الثاني
1
صرخ رئيس المحطة المنتصب على حافة الرصيف دافعا المسافرين بطرف علمه الأحمر قائلا: انتبهوا! احذروا القطار!
كان قطار بيروت على وشك الوصول إلى المحطة.
عند هذا كان قروي ذو لحية شهباء وجثة كجثة الجبابرة يريد المرور من بين الخطين إلى الرصيف المقابل فلم يسمع أوامر الرئيس.
فقال له هذا: يحظر عليك المرور يا هذا فالقطار قادم!
فلم يكترث الرجل؛ لأنه كان أصم فنزل بهدوء عن الرصيف ووضع قدما على الخط فأسرع إليه السيد راغب وأخذه بين ذراعيه، إلا أن القروي كان أشد من الرئيس فعانده بحماقة وسعى إلى التخلص منه.
دامت المعركة زهاء دقيقتين بين القروي والرئيس حتى أسفرت النتيجة عن انتصار هذا؛ لأن قواه كانت قد تضاعفت أمام الخطر الداهم فتمكن من الرجل فحمله وألقاه على الرصيف، ثم وثب خلفه كالح الوجه مضطرب الأعضاء!
إذ ذاك أدرك القروي الخطر الذي كاد يقع فيه فقال بصوت تخللته الدموع: لقد أنقذتني! كنت على وشك الموت. لم أسمع شيئا إني أصم! ... آه! ما الذي كان قد حل بأولادي؟ عندي ثلاثة أولاد لا يزالون أحداثا! ...
فغضب الرئيس وقال له بصوت ملؤه التأنيب: يا لك من بهيمة!
अज्ञात पृष्ठ