153

कुम्दत क़ारी

عمدة القاري شرح صحيح البخاري

प्रकाशक

شركة من العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية

بن يحيى وَابْن بكر النَّاقِد وَإِسْحَاق بن نمير عَن ابْن عُيَيْنَة وَعَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر كلهم عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ مثل إِحْدَى رِوَايَات البُخَارِيّ، وَمُسلم قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُول الله ﷺ فِي مجْلِس فَقَالَ: تُبَايِعُونِي على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ)، وَأخرجه النَّسَائِيّ، وَلَفظه قَالَ: (بَايَعت رَسُول الله ﷺ لَيْلَة الْعقبَة فِي رَهْط، فَقَالَ أُبَايِعكُم على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا، وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تشْربُوا وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَان تفترونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم، وَلَا تعصوني فِي مَعْرُوف، فَمن وفى مِنْكُم فَأَجره على الله، وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَأخذ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ وطهور، وَمن ستره الله فَذَلِك إِلَى الله تَعَالَى، إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ) . وَله فِي الْأُخْرَى نَحْو رِوَايَة التِّرْمِذِيّ.
(بَيَان اللُّغَات) قَوْله: (وَكَانَ شهد) أَي: حضر، وأصل الشُّهُود الْحُضُور، يُقَال: شهده شُهُودًا، أَي: حَضَره وَهُوَ من بَاب: علم يعلم، وَجَاء شهد بالشَّيْء، بِضَم الْهَاء، يشْهد بِهِ من الشَّهَادَة، قَالَ فِي (الْعباب) هَذِه لُغَة فِي شهد يشْهد. وَقَرَأَ الْحسن الْبَصْرِيّ ﴿وَمَا شَهِدنَا إلاَّ بِمَا علمنَا﴾ (يُوسُف: ٨١) بِضَم الْهَاء، وَقوم شُهُود أَي: حُضُور، وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر كَمَا ذكرنَا. وَشهد لَهُ بِكَذَا شَهَادَة. أَي: أدّى مَا عِنْده من الشَّهَادَة، وَشهد الرجل على كَذَا شَهَادَة، وَهُوَ خبر قَاطع. قَوْله: (بَدْرًا) وَهُوَ مَوضِع الْغَزْوَة الْكُبْرَى الْعُظْمَى لرَسُول الله ﷺ، يذكر وَيُؤَنث، مَاء مَعْرُوف على نَحْو أَرْبَعَة مراحل من الْمَدِينَة، وَقد كَانَ لرجل يدعى بَدْرًا، فسميت باسمه. قلت: بدر اسْم بِئْر حفرهَا رجل من بني النجار، اسْمه بدر، وَفِي (الْعباب): فَمن ذكَّر قَالَ: هُوَ اسْم قليب، وَمن أنثَّهُ قَالَ: هُوَ اسْم بِئْر، وَقَالَ الشّعبِيّ: بدر بِئْر كَانَت لرجل سمي بَدْرًا، أَو قَالَ أهل الْحجاز: هُوَ بدر بن قُرَيْش بن الْحَارِث بن يخلد بن النَّضر، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: هُوَ رجل من جُهَيْنَة. قَوْله: (أحد النُّقَبَاء) جمع: نقيب، وَهُوَ النَّاظر على الْقَوْم وضمينهم وعريفهم، وَقد نقب على قومه ينقب نقابة، مِثَال: كتب يكْتب كِتَابَة، إِذا صَار نَقِيبًا وَهُوَ: العريف، قَالَ الْفراء: إِذا أردْت أَنه لم يكن نَقِيبًا بِفعل، قلت: نقب نقابة، بِالضَّمِّ؛ نقابة، بِالْفَتْح، ونقب، بِالْكَسْرِ لُغَة؛ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: النقابة، بِالْكَسْرِ: اسْم، وبالفتح: الْمصدر، مثل الْولَايَة وَالْولَايَة. قَوْله: (لَيْلَة الْعقبَة) أَي: الْعقبَة الَّتِي تنْسب إِلَيْهَا جَمْرَة الْعقبَة الَّتِي بمنى، وَعقبَة الْجَبَل مَعْرُوفَة وَهُوَ الْموضع الْمُرْتَفع العالي مِنْهُ، وَفِي (الْعباب): التَّرْكِيب يدل على ارْتِفَاع وَشدَّة وصعوبة. قَوْله: (وَحَوله) يُقَال: حوله وحواله وحواليه وحوليه، بِفَتْح اللَّام فِي كلهَا، أَي: يحيطون بِهِ. قَوْله: (عِصَابَة)، بِكَسْر الْعين، وَهِي الْجَمَاعَة من النَّاس لَا وَاحِد لَهَا، وَهُوَ مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وأُخذ إِمَّا من العصب الَّذِي بِمَعْنى الشدَّة، كَأَنَّهُمْ يشد بَعضهم بَعْضًا، وَمِنْه الْعِصَابَة أَي الْخِرْقَة تشد على الْجَبْهَة، وَمِنْه العصب لِأَنَّهُ يشد الْأَعْضَاء بِمَعْنى الْإِحَاطَة، يُقَال: عصب فلَان بفلان إِذا أحَاط بِهِ. قَوْله: (بايعوني) من الْمُبَايعَة، والمبايعة على الْإِسْلَام عبارَة عَن المعاقدة والمعاهدة عَلَيْهِ، سميت بذلك تَشْبِيها بالمعاوضة الْمَالِيَّة. كَأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَبِيع مَا عِنْده من صَاحبه، فَمن طرف رَسُول الله ﷺ وعد الثَّوَاب وَمن طرفهم الْتِزَام الطَّاعَة؛ وَقد تعرف بِأَنَّهَا عقد الإِمَام الْعَهْد بِمَا يَأْمر النَّاس بِهِ، وَفِي بَاب وُفُود الْأَنْصَار: تَعَالَوْا بايعوني. قَوْله: (لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا) أَي: وحدوه ﷾، وَهَذَا هُوَ أصل الْإِيمَان وأساس الْإِسْلَام، فَلذَلِك قدمه على أخوته. قَوْله: (شَيْئا) عَام لِأَنَّهُ نكرَة فِي سِيَاق النَّهْي لِأَنَّهُ كالنفي، قَوْله: (بِبُهْتَان) الْبُهْتَان، بِالضَّمِّ: الْكَذِب الَّذِي يبهت سامعه، أَي يدهشه لفظاعته، يُقَال: بَهته بهتانًا إِذا كذب عَلَيْهِ بِمَا يبهته من شدَّة نكره، وَزعم الْبنانِيّ أَن أَبَا زيد قَالَ: بَهته يبهته بهتانًا: رَمَاه فِي وَجهه، أَو من وَرَائه بِمَا لم يكن، والبهَّات الَّذِي يعيب النَّاس بِمَا لم يَفْعَلُوا، وَقَالَ يَعْقُوب وَالْكسَائِيّ: هُوَ الْكَذِب. وَقَالَ صَاحب (الْعين): البهت استقبالك بِأَمْر تقذفه بِهِ وَهُوَ مِنْهُ بَرِيء لايعلمه، وَالِاسْم: الْبُهْتَان. والبهت أَيْضا: الْحيرَة، وَقَالَ الزّجاج وقطرب: بهت الرجل انْقَطع وتحير. وَبِهَذَا الْمَعْنى بهت وبهت. قَالَ: والبهتان الْكَذِب الَّذِي يتحير من عظمه وشأنه، وَقد بَهته إِذا كذب عَلَيْهِ؛ زَاد قطرب: بهاتة وبهتا، وَفِي (الْمُحكم): باهته استقلبه بِأَمْر يقذفه بِهِ وَهُوَ مِنْهُ بَرِيء لَا يُعلمهُ، والبهيتة: الْبَاطِل الَّذِي يتحير من بُطْلَانه، والبهوت: المباهت، وَالْجمع: بهت وبهوت، وَعِنْدِي أَن بهوتًا جمع باهت لَا جمع بهوت، وَقِرَاءَة السَّبع ﴿فبهت الَّذِي كفر﴾ (يُوسُف: ٢٥٨) وَقِرَاءَة ابْن حَيْوَة: فبهت، بِضَم الْهَاء، لُغَة فِي بهت. وَقَالَ ابْن جني: وَقد يجوز أَن يكون بهت بِالْفَتْح لُغَة فِي بهت، وَقَالَ الْأَخْفَش: قِرَاءَة بهت كدهش وحزن، قَالَ: وبهت، بِالضَّمِّ أَكثر من بهت بِالْكَسْرِ، يَعْنِي أَن الضمة تكون للْمُبَالَغَة. وَفِي (الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: بَهته يبهته بهتًا إِذا أَخذه بَغْتَة، وبهته بهتًا وبهتانًا وبهتا فَهُوَ بهاة إِذا قَالَ عَلَيْهِ مَا لم يَفْعَله مُوَاجهَة، وَهُوَ مبهوت، والبهت لَا يكون إلاَّ مُوَاجهَة بِالْكَذِبِ على الْإِنْسَان،

1 / 154