183

शेर की महानता और उसके शिष्टाचार में प्रमुख

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

संपादक

محمد محيي الدين عبد الحميد

प्रकाशक

دار الجيل

संस्करण संख्या

الخامسة

प्रकाशन वर्ष

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

وليلتمس له من الكلام ما سهل، ومن القصد ما عدل، ومن المعنى ما كان واضحًا جليًا يعرف بديًا، فقد قال بعض المتقدمين: شر الشعر ما سئل عن معناه، وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحولي المحكك، أخذ في ذلك بمذهب زهير، وأوس، وطفيل.
ولا يجوز للشاعر كما يجوز لغيره أن يكون معجبًا بنفسه، مثنيًا على شعره، وإن كان جيدًا في ذاته، حسنًا عند سماعه، فكيف إن كان دون ما يظن؟ كقوم أفردوا لذلك أنفسهم، وأفنوا فيه أعمارهم وما يحصلون على طائل، وقد قال الله ﷿: " فلا تزكوا أنفسكم " اللهم إلا أن يريد الشاعر ترغيب الممدوح أو ترهيبه فيثني على نفسه، ويذكر فضل قصيدته؛ فقد جعلوه مجازًا مسامحًا فيه: كالذي يعرض لكثير من الشعراء في أشعارهم من مدح قصائدهم، على أن أبا تمام يقول:
ويسيء بالإحسان ظنًا لا كمن ... يأتيك وهو بشعره مفتون
وإن كان أوصف الناس لقصيده، وأكثرهم ولوعًا بذلك، وهذا ما دام شعرًا كان محمولًا على ما قدمناه، وإنما المكروه المعيب أن يكون ذلك منثورًا أو تأليفًا مسطورًا: كالذي فعل الناشئ أبو العباس في أشياء من شعره ذكرها في كتابه الموسوم بتفضيل الشعر؛ فشكرها، ونوه بها، ونبه عليها، وفضلها على أشعار الفحول: مثل جرير وغيره، منها قول جرير:
إن العيون التي في طرفها مرض ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنسانا
وزعم بعد إقامة ما حسبه برهانًا أن قوله:
لا شيء أعجب من عينيك؛ إنهما ... لا يضعفان القوى إلا إذا ضعفا

1 / 201