उच्च आकांक्षा
علو الهمة
शैलियों
ومصنفات إمامنا الطبري -رحمه الله - في الذروة: جدة ومنهجا واتساعا وعمقا ونضجا، مع اختلاف الفنون التي تناولها على كثرتها، حتى آلت إليه إمامة المؤرخين والمفسرين، إلى جانب كونه صاحب مذهب فقهي يختص به.
ولإدراك المنزلة التي نزلتها مصنفاته، أذكر ما قاله: أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرائيني: (لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب "تفسير محمد بن جرير" لم يكن ذلك كثيرا).
وتفسيره المشار إليه آنفا، والمطبوع في ثلاثين جزءا، على ضخامته ونفاسته وريادته، أتى على غير ما كان يؤمل سعة.
يروي الخطيب البغدادي: (أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: "أتنشطون لتفسير القرآن؟ " قالوا: "كم يكون قدره؟ "، فقال: "ثلاثون ألف ورقة"، فقالوا: "هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه! فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
ثم قال: "هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ "، قالوا: "كم قدره؟ "، فذكر نحوا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: "إنا لله! ماتت الهمم! "، ثم أملاه على نحو قدر التفسير.
وألف الإمام البيهقي ألف جزء، كلها تآليف محررة نادرة المثال، كثيرة الفوائد، وأقام يصوم ثلاثين سنة.
وبلغ الإمام أبو الوفاء على بن عقيل الحنبلي البغدادي -المتوفى سنة 513 ه-، الذي يقول فيه الإمام ابن تيمية: "إنه من أذكياء العالم"، في محافظته على الزمن مبلغا أثمر أكبر كتاب عرف في الدنيا لعالم، هو كتاب "الفنون" في ثمانمائة مجلدة.
पृष्ठ 197