ولما ثبت - قطعا - أن هذه الدار ليست بدار الخلود، ثبت أن دار الخلود غير هذه، وهي دار الآخرة.
فعلم أن هناك بقاءا لا فناء معه، وعلما لا جهل معه، ولذة لا نفرة معها، وعزا لا ذل معه.
ولما لم تصل إلى تفاصيل ما قلناه عقول البشر، شرحه الشرع بالجنة، والحور، والقصور، والنهار، والأشجار والأثمار.
وكل من فوت (1) [على] نفسه هذه الدرجات، بقي في دركات الهلاك، وهي مقابلات ما قلناه، من الفناء، والجهل، والنفرة، والذل.
وشرح جميع ذلك السمع بالجحيم، والحميم، والعقاب، والعذاب الأليم، والعقارب، والحيات، والنيران، واللظى، أعاذنا الله - تعالى - منها.
ولما كان الخلق في باب التكليف على درجتين: مطيع، وعاص، كان العدل أن يبني دارين: جنة ونار.
والمطيع: إما أن يكون في الغاية القصوى، وهو الذي يطيع ولا يعصي، كالملائكة، والأنبياء، والأئمة - على الصحيح من المذهب -.
وإما أن يطيع ويعصي، كسائر المسلمين، من المجرمين.
وإما أن يعصي ولا يطيع، كالشياطين، والكفرة.
و [لما] كانت الطاعة ضربين: علمي، وعملي، كان العوض في
पृष्ठ 43