واتهمه بالكذب، وتكلم عليه بما لا يليق (^١)، كما أن المحبّ بن الشحنة بعد أن كان من أخصّ أصحاب الشيخ قاسم الذي أذن لابنه الصغير في الإفتاء، إلا أنه لامس الشيخ منهم غاية المكروه، بحيث شافهوه بمجلس السلطان بما لا يليق، وانتصر له العز قاضي الحنابلة وهجرهم بسببه مدة حتى توسط بينهم العضد الصيرامي.
وبالجملة فقد توقف الكثير منهم في شأنه ﵀ ولم ينزلوه منزلته، وهكذا حال أكثرهم جريا على عادة العصريين (^٢).
- مرضه ووفاته:
كان الشيخ قاسم قويًّا في بدنه يمشي جيدًا، فأصيب بعسر البول واشتد به حتى خيف موته، وعولج حتى صار به سلس البول، فقام وقد هرم، ثم عرض له مرض حاد تعلّل به مدة طويلة.
وكان الشيخ قد نقل سكناه عدة مرات في أحياء القاهرة إلى أن تحول قبيل موته بيسير إلى قاعة بحارة الديلم، فلم يلبث أن مات فيها، في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة (٨٧٩) تسع وسبعين وثمان مئة هجرية، (الموافق لسنة ١٤٧٤ ميلادية)، وصلّى عليه من الغد تجاه جامع المارداني (^٣) قاضي القضاة ولي الدين الأسيوطي الشافعي، في مشهد حافل، ودفن على باب المشهد المنسوب لعقبة بن عامر عند أبويه وأولاده، وتأسفوا على فقده، ﵀ وإيّانا (^٤).
وهكذا مضى العلامة قاسم عن سبع وسبعين سنة من العمر المبارك، قضاها في ربوع العلم والإفادة، والقدوة الحسنة. . تغمّده الله تعالى برحمته، وأغدق عليه سحائب رضوانه، وأسكنه فسيح جناته، وسائر العلماء العاملين. . آمين.