Consultation in Islamic Law

Hussein bin Muhammad al-Mahdi d. Unknown
109

Consultation in Islamic Law

الشورى في الشريعة الإسلامية

शैलियों

ولهذا فإنه ينبغي للقاضي أن يشاور أهل العلم والصلاح وأن يستعين برأيهم، فالقاضي إنسان يصيب ويخطىء وقد يتأثر ببعض عواطفه وأهوائه فيميل في قضائه إلى بعض أطراف الخصوم بما يقوض أركان العدل، ولقد بلغ من حرص الدولة الإسلامية أن أوجدت في بعض المحاكم ما يسمى بشهود القضاء أو العدول، وكانت مهمتهم هي الشهادة على بعض الأحكام، وسيجد المتتبع في كتب الفقه (١) والتراجم (٢) الكثير من ذلك فإن القضاة كانوا يتخذون شهودًا منهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر عتيق الصباغ وأبو الطاهر الذهلي وعبدالله بن ثوبان وغيرهم، ويقول الدكتور محمد عبدالرحمن البكر أنه وصل الأمر إلى حد أن أصبحت الشورى في بعض العصور وظيفة يتخصص لها بعض العلماء كيحيى بن وافد اللخمي وأبي الأصبغ فيما يشبه أن يكون جهازًا لمراقبة القضاة (٣). أما الشهود الذين كانوا يؤلفون جزءًا من المحكمة بحيث لا تنعقد إلا بهم حيث كانوا يجلسون على يمين القاضي ويساره ليشهدوا على ما يجري من الدعاوي والأحكام فقد أوجب بعض الفقهاء حضور الشهود، قال ابن فرحون (ومنها إحضاره الشهود العدول في مجلس قضاءه) قال المازري: يؤمر القاضي بذلك ويتأكد الأمر به على القول بأن القاضي لا يقضي بعلمه فيما أمر به الخصم في مجلسه (٤)، وجاء في مواهب الجليل: وإذا كان المشهور أن القاضي إذا سمع إقرار الخصم لا يحكم عليه حتى يشهد عنده بإقراره شاهدان فيكون إحضار الشهود واجبًا وإلا لا فائدة (٥). قلت: وليست تلك الغاية التي تتوخى فحسب بل إن وجود الشهود العدول من العلماء ليكونوا مستشارين قد يكون في بعض الحالات ضرورة، فإن القاضي العادل لا يستغني عن وجود مثل هؤلاء قط، فالمتتبع للآثار الفقهية والقضائية التي درج عليها الخلفاء الراشدون سيجد أنهم كانوا يحضون على التشاور مع وجهاء الصحابة وأهل الرأي، وذلك من أجل التحري في إقامة العدل والوصول إلى الحق، وهذا هدف من أهداف علانية الجلسات أيضًا عند التقاضي، وفي أخبار القضاة لوكيع (٦) كانت القضاة لا تستغني أن يجلس إليهم بعض العلماء، وقد روي أن أبا بكر ﵁ كان إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله تعالى فإن وجد ما يقضي به بينهم قضى به وإن لم يجد وعلم في سنة رسول الله ﵌ سنة قضى بها فإن أُعيي خرج فسأل المسلمين وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله ﵌ قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكرون عن رسول الله ﵌ قضاء فيقول أبو بكر الحمد الله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا ﵊، فإن أعياه أن يجد في سنة رسول الله ﵌ سنة جمع خيار الناس ورؤوسهم فاستشارهم فإن أجمع أمرهم على رأي قضى به، وكان عمر ﵁ يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان لأبي بكر فيه قضاء فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رؤوس المسلمين فإن اجتمعوا على أمر قضى به (٧)، ولفظ الدارمي (فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله ﵌ جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به) (٨) وقد أورد هذا الحديث الحافظ ابن حجر في فتح الباري مختصرًا وعزاه للبيهقي وصحح إسناده وقال (وإن عمر بن الخطاب كان يفعل ذلك كما تقدم أن القراء كانوا أصحاب مجلس عمر ومشاورته) (٩) وعن شريح القاضي أن عمر بن الخطاب ﵁ كتب إليه إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ولا يلفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في

(١) - انظر أدب القاضي للماوردي أبو الحسن علي من محمد- تحقيق يحيى هلال السرحان - وزارة الأوقاف بالعراق - ج٢ - ص ٣٤٥ وما بعدها، وتبصرة الحاكم لابن فرحون ص ٣٧، ومواهب الجليل ج ٦ - ص١١٨. (٢) - انظر في ذلك إحياء القضاة - ج ٢ - ص ١٢٥ - والولاة والقضاء للكندي ص ٣٨٩ وما بعدها. (٣) - السلطة القضائية وشخصية القاضي في النظام الإسلامي للدكتور محمد عبدالرحمن البكر ص ٢٥٣. (٤) - تبصرة الحكام ج ١ - ص ٣٧. (٥) - انظر مواهب الجليل للحطاب - ج٦ - ص ١١٨. (٦) - أخبار القضاة لوكيع ج ٢ - ص ١٥٠. (٧) - انظر تبصرة الحكام لابن فرحون ج ١ - ص ٣٧. وإعلام الموقعين لابن القيم ج١ - ص ٦٢. وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٤٠، وأخبار القضاة لوكيع ج ٢ - ص ٤١٥. والجرائم الماسة بالوظيفة العامة للمؤلف ص ١١٦. (٨) - أخرجه الدارمي في باب الفتيا وما فيه من الشدة. (٩) - انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن علي بن حجر ج ١٣ ص ٣٤٢.

1 / 132