208

Constancy and Inclusiveness in Islamic Law

الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

प्रकाशक

مكتبة المنارة

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

प्रकाशक स्थान

مكة المكرمة - المملكة العربية السعودية

शैलियों

﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ (١).
ومعنى فرقناه أي أنزلناه جزءًا جزءًا ولم ننزله جملة واحدة (٢) وذلك في بضع وعشرين سنة تثبيتًا للرسول ﷺ، حيث ينزل لكل حادثة تقع ما يخصها من الأحكام ويتعلمه الناس في غير عجلة، ويتدرج بهم حتى يربيهم ويفقهم، فيقترن العلم بالعمل آية آية وسورة سورة، ويقع لكل حدث ما يخصه من البيان والتوجيه.
وهذا المعنى الذي تحقق في عصر النبوة ما زال متحققًا في كل عصر -بعد ذلك- يسير في الطريق نفسه ويسعى للغاية التي خُلق العباد من أجلها وهي عبادة الله وحده بلا شريك.
وبيان ذلك: أن المسلمين بعد عصر النبوة يحتاجون إلى بيان الأحكام التي تخص الحوادث التي جاءت في عهدهم، وهذه الحوادث لم يكن فيها نص بعينها - ولا بد من الرجوع إلى الوحي لمعرفة هذه الأحكام.
ثم تأتي حوادث أخرى تحتاج إلى أحكام فلا بد من الرجوع إلى الوحي، وهكذا في كل عصر وفي كل مكان.
وحين يرجعون في المرة الأولى إنما يستنبطون الحكم للحادثة الأولى ثم يرجعون مرة أخرى وثالثة ورابعة وذلك حسب تجدد الحوادث فيجدون في الوحي العلم والفقه والتربية - وهم يسيرون في الوقت نفسه في طريقهم لا يقفون لحظة واحدة، تمامًا كما كانوا في عصر النبوة عمل وجهاد وتربية وتعليم حتى تُوفي رسول الله ﷺ.
وهكذا يريد الله هذا الدين بعد وفاة رسول الله ﷺ، دين عمل وجهاد وتربية

(١) سورة الإِسراء: آية ١٠٦.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/ ٦٨ - ٦٩.

1 / 213