Commentary on the Sunan of Imam Ibn Majah

Muhammad ibn Ali ibn Adam al-Ithiubi d. 1442 AH
80

Commentary on the Sunan of Imam Ibn Majah

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

प्रकाशक

دار المغني

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

प्रकाशक स्थान

الرياض - المملكة العربية السعودية

शैलियों

وهذا فيه أيضا نظر، فإن الداعي إلى فعل المعاصي، قد يكون قويا لا صبر معه للعبد على الامتناع عن فعل المعصية، مع القدرة عليها، فيحتاج للكف عنها حينئذ، إلى مجاهدة شديدة، وربما كانت أشق على النفوس من مجرد مجاهدة النفوس على فعل الطاعات، ولهذا يوجد كثيرا من يجتهد في فعل الطاعات، ولا يَقْوَى على ترك المحرمات. وقد سئل عمر عن قوم يشتهون المعصية، ولا يعملون بها، فقال: أولئك قوم امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم. وقال يزيد بن ميسرة: يقول الله في بعض الكتب: أيها الشاب التارك لشهوته، المتبذل في شبابه من أجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي، وقال: ما أشد الشهوة في الجسد، إنها مثل حريق النار، وكيف ينجو منها الحصوريون؟ (١). والتحقيق في هذا أن الله لا يكلف العباد من الأعمال ما لا طاقة لهم به، وقد أسقط عنهم كثيرا من الأعمال بمجرد المشقة؛ رخصة عليهم، ورحمة لهم، وأما المناهي فلم يُعذر أحد بارتكابها بقوة الداعي والشهوات، بل كلفهم تركها على كل حال، وإنما أباح أن يتناولوا من المطاعم المحرمة عند الضرورة، ما تبقى معه الحياة، لا لأجل التلذذ والشهوة، ومن هنا يعلم صحة ما قال الإمام أحمد ﵀: إن النهي أشد من الأمر. وقد رُوي عن النبي ﷺ من حديث ثوبان وغيره، أنه قال: "استقيموا، ولن تحصوا" (٢)، يعني لن تقدروا على الاستقامة كلها. وروى الحكم بن حزن الْكُلَفيّ قال: وفدت إلى رسول الله ﷺ، فشهدت معه الجمعة، فقام رسول الله ﷺ، متوكئا على عصا، أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه بكلمات، خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: "يا أيها الناس إنكم لن تطيقوا، ولن تفعلوا كل ما أمرتكم به، ولكن سددوا، وأبشروا"، أخرجه

(١) هكذا النسخة "الحصوريون" بياء النسبة، ولعل الصواب "الحصورون"، والحصور: هو الذي لا يأتي النساء، سمي به لأنه حُبس عن الجماع، ومنع، فهو فعول بمعنى مفعول. انتهى. (٢) حديث صحيح، سيأتي للمصنف رحمه الله تعالى في "كتاب الطهارة" برقم ٢٧٧.

1 / 80