فالمتأمل لتلك القصتين يستنكر ما جاء عن ابن إسحاق في سبب نزول سورة الكهف مع ضعف إسنادها أيضًا، وثمة خلاف آخر على ابن إسحاق -إن صح ذلك النقل عنه- فقد ذكر أبو القاسم الأصبهاني في "دلائل النبوة" (ص: ٢١٦) نقلًا عن ابن إسحاق سندين فقال: روى محمد بن إسحاق عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ﵁، … فذكر الخبر.
وهذا ضعيف جدًا؛ فقد عنعنه ابن إسحاق، والكلبي هو محمد بن السائب متهم بالكذب، وأبو صالح هو باذام مولى أم هانئ ضعيف الحديث، ولم يسمع من ابن عباس أيضًا.
ثم أعقبه أبو القاسم الأصبهاني بسند آخر نقله عن ابن إسحاق فقال:
قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس ﵁ … وذكر القصة
قلت: ومحمد بن أبي محمد مجهول الحال، قال الذهبي: لا يعرف.
هذا فيما وقفت عليه من طرق؛ فالخبر منكر متنًا، ضعيف سندًا، والله أعلم).
وقال الشيخ مصطفى العدوي: (إسناده ضعيف، فيه شيخ لم يسم) (^١).
تراكم الأحزان
قوله: (قال ابن إسحاق: لما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله ﷺ من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا، ودخل بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكى، ورسول الله ﷺ يقول لها: (لا تبكي يا بنية، فإن الله مانع أباك). قال: ويقول بين ذلك: (ما نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب).