الحكايات في شأن أبي رِغال تدلُّ أنه قديم، وأشعارهم تدلّ على ذلك، وبعضها في "المعجم".
وعلى هذا، فلم يُرجَم قبرُه لأنه حُصِبَ في حياته، وإنما رُجِمَ إشارةً إلى لعنه، فإن اللعن ــ كما قال الراغب ــ هو: "الطرد والإبعاد على سبيل السخط" (^١). ويكنى عن اللعن بالرجم، كأنه مأخوذ من طرد الكلب، فإنه يكون في الغالب برجمه.
قال الراغب: "والشيطان الرجيم: المطرود عن الخيرات، وعن منازل الملأ الأعلى" (^٢). فرجم القبر إشارة إلى لعن صاحبه. إذ كأنه رجم له، ولهذا حسن قول جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر أبي رغال (^٣)
لم يرد بقوله: "فارجموه" ارجموا جسده، كما لا يخفى، وإنما أصل المعنى: فارجموا قبره، لكن حسن المجاز هنا، لما كان رجم القبر إنما هو إشارة إلى لعن صاحبه.
فتطبيق الجمار على هذا أن يقال: إنه هلك في مواضعها، أو رئي عندها من يستحق اللعن والسخط. والأول قد رده المعلِّم ﵀ بحق، إذ قال: "إن الإسلام ترفع عن رجم القبور"، فتعين الثاني. ولا يمكن أن يكون من