Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
प्रकाशक
مطبعة سفير،الرياض
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾، فكلُّ ما هو كائنٌ من خير وشرٍّ هو بقضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته، وأمَّا ما جاء في حديث عليٍّ ﵁ في دعاء النَّبيِّ ﷺ الطويل وفيه: "والخير كلُّه في يديك، والشرُّ ليس إليك" رواه مسلم (٧٧١)، فلا يدلُّ على أنَّ الشَّرَّ لا يقع بقضائه وخلقه، وإنَّما معناه أنَّ اللهَ لا يخلقُ شَرًّا محضًا لا يكون لحكمة، ولا يترتَّب عليه فائدةٌ بوجه من الوجوه، وأيضًا الشرُّ لا يُضاف إليه استقلالًا، بل يكون داخلًا تحت عمومٍ، كما قال الله ﷿: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، فيُتأدَّب مع الله بعدم نسبة الشرِّ وحده إلى الله، ولهذا جاء فيما ذكره الله عن الجنِّ تأدُّبُهم بنسبة الخير إليه، وذكر الشرِّ على البناء للمجهول، قال الله ﷿: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾
ومن مراتب القدر الأربع كما مرَّ قريبًا مشيئة الله وإرادتُه، والفرق بين المشيئة والإرادة أنَّ المشيئة لَم تأت في الكتاب والسُّنَّة إلاَّ لمعنى كونيٍّ قدَري، وأمَّا الإرادة فإنَّها تأتي لمعنى كونِيٍّ ومعنى دينِيٍّ شرعيٍّ، ومن مجيئها لمعنى كونيٍّ قدَري قوله تعالى: ﴿وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾، وقوله: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾
ومن مجيء الإرادة لمعنى شرعيٍّ قول الله ﷿: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وقوله: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، والفرقُ بين الإرادَتَين أنَّ الإرادةَ الكونيَّة تكون عامَّةً فيما يُحبُّه الله ويَسخطُه، وأمَّا الإرادةَ الشرعيَّة فلا تكون إلاَّ فيما يُحبُّه الله ويرضاه،
1 / 63