فاستجاب الله لدعوته وجعل هذا البلد بلدا آمنا، قال الله ﷻ: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (١) . “ احترام بيت الله الحرام أمر مستقر في نفوس أهل الإيمان، بل أهل الجاهلية على ضلالهم كانوا يعظمون هذا البيت “ إن احترام البيت الحرام مستقر في نفوس أهل الإيمان، بل أهل الجاهلية في جاهليتهم وعلى كفرهم وضلالهم يعظمون بيت الله ويحترمون أمنه وطمأنينته، ويرون من أخل فيه بأمنه فإنه عاص ومرتكب خطأ كبيرا، فجاء الإسلام فزاد ذلك تعظيما وتأكيدا، قال الله ﷻ ممتنا على سكان بيته الحرام: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ (٢)، فكان العرب يحترمون سكان بيت الله، يحترمونهم ويعظمونهم، ويرون لهذا البيت حرمته وأمنه ومكانته. “ حرص النبي ﷺ على حفظ حرمة هذا البيت عام الفتح، ووصى أمته على ذلك “ جاء محمد ﷺ عام ست من الهجرة معتمرا، فصده كفار قريش عن مراده، وبايعه المسلمون على الموت ومنازلة الكفار، ولكن حكمة الله أبت إلا أن يعود محمد ﷺ حتى يرجع من العام القادم، كل ذلك تعظيما للبيت، حتى لا تسفك فيه الدماء، وحتى تبقى حرمته كما كانت. جاء النبي ﷺ عام ثمان من الهجرة فاتحا بيت الله الحرام، ثم قبل الفتح أعلن إعلانه الواضح: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (٣)» ثم بعد ذلك في صبيحة اليوم الثاني من الفتح قام في المسلمين خطيبا منوها بفضل هذا البيت وأمنه وحرمته، فقال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله -صلى الله عليه (٤)

(١) سورة آل عمران الآية ٩٧ (٢) سورة العنكبوت الآية ٦٧ (٣) أخرجه أبو داود في سننه ٣\١٦٢، كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: ما جاء في خبر مكة، ح (٣٠٢٢)، وأحمد في مسنده ٢ \٢٩٢، وأصله في صحيح مسلم ٣\١٤٠٦ من حديث أبي هريرة ﵁، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة، ح (١٧٨٠) (٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب، (فتح الباري ١ \٢٦٣، ح ١٠٤)، ومسلم في صحيحه ٢ \ ٩٨٧، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، ح (١٣٥٤)