وَمَا قاربَ الصَّدق قلتَ فِيهِ: تَراهُ أوُ تَخَالُه أوْ يَكَادُ. فَمن التَّشبيه الصَّادق قَولُ امرِيء القَيْس.
(نَظَرْتُ إِلَيْهَا والنُّجومُ كأنَّها ... مَصَابيحُ رُهْبانٍ تُشَبُّ لقُفَّالِ)
فَشَبَّهَ النجومَ بمصابِيِحِ رُهْبَانٍ لفرطِ ضِيَائها وتَعهُّدِ الرُّهْبَان لمصَابيحِهْم وقيامهِمْ عَلَيْهَا لتُزْهِرَ إِلَى الصُّبْح، فكذَلكَ النُّجومُ زَاهرةُ طُولَ الَّليلِ، وتَتَضاءَلُ للصَّبَاح كتَضَاؤلِ المَصَابيحِ لَهُ.
وَقَالَ: ... تُشَبُّ لقُفَّالِ
لأنَّ أحْيَاءَ العَرَب بالبَادِيِة إذَا قَفَلَتْ إِلَى مَوَضِعها الَّتِي تأوي إِلَيْهَا من مَصيفٍ إِلَى مَشْتىً، وَمن مَشْتىً إِلَى مَرْبع أَوقِدَتْ لَهَا نِيرانُ على قَدْر كَثرةِ مَنَازِلها وقِلَّتها ليهْتدُوا بهَا، فَشَبَّهَ النُّجومَ ومواقِعها من السَّماء بتَفَرِق تلكِ النِّيران واجتماعِهَا فِي مكانٍ بَعْدَ مكانٍ على حَسَب مَنَازِلَ القُفَّالِ من أحْيَاءِ العَرَبِ، ويُهْتَدَى بالنُّجوم كَمَا تَهْتدي القُفَّالِ بالنِّيران المُوقَدَةِ لَهُم.
1 / 33