فإن كان الحجة الخبر رجع إليه، وإن كان قول الإمام فما الطريق إليه؟ والأدلة، يجب أن تكون عامة لعموم التكليف، ولا يصح أن يدعيها البعض دون البعض، وإنما ينازع في معانيها المخالف ويصححها المؤالف، ولأن عليا عليه السلام كان ينبههم على الإستدلال، ويذكر لهم متون الأخبار كما يذكر آي الكتاب الكريم، وهو معلوم ضرورة إذا أردنا الإحتجاج على مخالفينا ذكرنا متن الخبر لنتمكن من الكلام في معانيه، وقد ذكر حديث الشورى(1) وبين فيه سبعين فضيلة دلالة على أن الإمامة لا تجوز للمفضول مع وجود الفاضل، وكذلك ما كان يحقق(2) من القرابة، وإن كان معلوما، وكذلك ما روت الإمامية والزيدية من قوله: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا لا ترقى إلي الطير ولا غثاء السيل(3).
فإنا نقول: وكذلك الأمر ؛ لأن أبا بكر لم يكن ينكر شرف بيته ولا علو صوته، وأنه كما قال من الرئاسة بمحل القطب من الرحا، وأنه في علو شرفه بقرابة(4) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحيث لا يرقى(5) إليه الطير ولا غثاء السيل ؛ ولكن ما في هذا مما يدل على أنه علم إمامته ضرورة ؛ لأنه لم يصرح بلفظ علمه بالإمامة، وإنما ذكر أنه علم أنه محلها ومستحقها، ومن يعتذر له يقول: إنه لا يشك في ذلك، وإنما تقدم وقبل البيعة مخافة الفتنة، وأن يتراخي فتثب عليها الأنصار فتخرج عن قريش، ولهذا استقال لما استقر الأمر، وقال: (من يأخذها بما فيها)، وكذلك قوله: (وليتكم ولست بخيركم)...إلى غير ذلك.
पृष्ठ 38