सिकद मुफस्सल
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
بها الضيوف تحيي منك أكرم من ... يعطي الرغائب من بدوِ ومن حضر
حيث الجفان على بعد تضيء بها ... للطارقين ضياء الأنجم الزهر
لقد غدا الأُفق العلويّ يحسدها ... على مواقدها في سالف العصر
وودّض لو أنّها كانت له بدلًا ... من الكواكب حتّى الشمس والقمر
فالشهبوالبدر يطفي الصبح ضوئهما ... والشمس في الليل لم تشرق ولم تنر
لكنَّ دارك لم تبرح مواقدها ... مضيئة تصل الأصباح بالسحر
ما زلت ترفع فيها للقرى كرمًا ... نارًا شكا الأُفق منها لافح الشرر
يا مقرض الله في عصر به وثقت ... بنوا الزمان بكنز البيض والصفر
يفدي يديك ابن حرص لا حياء له ... يلقى العفاة بوجه قدَّ من حجر
جرى لعلياك من جهل فقلت له ... لقد جريت ولكن جري منحدر
سما بك الحظ لكن عن علاء أبي ال ... مهدي حطّك ذلّ العجز والخور
أنت المعذّب بالأموال تجمعها ... خوف البغيضين من فقر ومن عسر
وهو المفرّق ما يحويه مدّخرا ... كنز الخطيرين من حمد ومن شكر
مهذّب يتبع النعمى بثانية ... دأبًا وجود سواه بيضة العقر
يا ناظرًا سير الأمجاد دونك خذ ... منه العيان ودع ما جاء في السير
تجد به من أبيه كلّ مأثرة ... ما للحيا مثلها في الجود من أثر
له مناقب مجد كلّها غرر ... في جبهة الدهر بل أبهى من الغرر
ينمى إلى طيبي الأعراق من عقدوا ... على العفاف قديمًا طاهر الأزر
خذوا بني الشرف الوضّاح كاعبة ... مولودة الحسن بين البدو والحضر
لم تجلَ في مجلس إلاّ بوصفكم ... تبسّمت كابتسام الروض بالزهر
أن يصد نقص أناس فكر مادحهم ... ففضلكم صيقل الألباب والفكر
لا زال بيت علاكم للورى كرمًا ... تحجّه الوفد مأمونًا من الغير
ومن الشعر الأجنبي القصيدة الرائيّة التي قلتها في الثناء العاطر على صدر الوزارة الأعظم وقد سبقت الإشارة إليها في حرف الحاء عند ذكر الحائية التي قلتها في صبحي بك، والرائيّة هذه:
أحقُّ بالعزّ من لا يرهب الخطرا ... ولا يعاقد إلاّ البيض والسمرا
والسيف أجدرُ أن يستلّه لوغىً ... من ليس يغمده أو يدرك الظفرا
وأبيض العرض من في كفّه صدرت ... بيض القواضب من فيض الدما حمرا
لم تقض من وصله بكر العلى وطرًا ... حتّى من الهام يقضي سيفه وطرا
وحوزة الملك أولى في حياطتها ... من بات في حفظها يستعذب السهرا
وذي الرعيّة أحرى في سياستها ... من بالتجارب غور الدهر قد سبرا
ولى يملك يومًا رقَّ مملكة ... من ليس يملأ منها السمع والبصرا
ولا تراض أقاليم البلاد لمن ... لم تسق من خلقيه الصفو والكدرا
والحلُّ والعقد لم يورد صوابهما ... إلاّ الّذي ثقةً عن رأيه صدرا
أما نظرت لسلطان البريّة من ... على الرعيّة ظلّ العدل قد نشرا
كيف اغتدى موردًا أسرار حضرته ... صدرًا أحاط بأسرار النهى خبرا
فقال خذ منصبًا أُمّ العلى نصبت ... أسرّة لك فيه الأنجم الزهرا
هذي الوزارة فاحلل في ذوائبها ... فالحزم للشمس إن تستوزر القمرا
فقام في رأيه والسيف يجمع من ... أطراف مملكة الإسلام ما انتُشرا
مؤيّدًا بجنود من مهابته ... قد انتضى معه آرائه زبرا
إن يجر في حلبات الرأي مبتدرًا ... أخلت له الوزراء الورد والصدرا
وسلّمت لعلاه الأمر مذعنةً ... لما يقول نهى أن شاء أو أمرا
ذو غرمة مثل صدر السيف باترة ... لو لاقت الدهر قرنًا عمره انبترا
رعى المحبّين فيها البدو والحضرا ... وروّع المبغضين الروم والخزرا
قد قلّد الملك منه سيف ملحمة ... لو يقرع الصحر بأسًا بالدما انفجرا
كم خاض بحر وغىً بالحزم محتزمًا ... بالنقع ملتثمًا بالصبر متّزرا
في جحفل إن سرى ضاقت بأوّله ... الدنيا وآخره لم يدرَ أين سرى
وجاء والهمّة العلياء فيه أتت ... كالسيل من قلل الأجبال منحدرا
فعال منتصر لله قام بها ... في الله منتهيًا لله مؤتمرا
1 / 143