المدارس السليمانية ثم عطف الزمان الى دمشق الشام فبعد سنتين ساءت به الظنون وحل به ريب المنون وذلك سنة ست وسبعين وتسعمائة وكان المرحوم مشاركا في بعض العلوم حلو المصاحبة حسن المقاربة عذب المشرب سهل المطلب ذا وجه صبيح ولسان فصيح روح الله روحه
ومنهم العالم البارع الاوحد الشيخ غرس الدين احمد
نشأ رحمه الله في مدينة حلب ورغب في العلوم وتشبث بكل سبب وقرأ المختصرات على الشيخ حسن السيوفي وحصل طرفا صالحا من فنون الادب ثم قصد الى التحصيل التام فارتحل ماشيا الى دمشق الشام وأخذ فيه الطب من مقدم الالباء ورئيس الاطباء العالم الذكي المشتهر بابن المكي ثم انتقل من تلك العامرة ماشيا الى القاهرة واشتغل فيها على العالم الجليل المقدار الشيخ المشتهر بابن عبد الغفار وأخذ منه الحكميات وعلوم الرياضيات وسائر العلوم العقلية قاطبة بالدروس الراتبة وأخذ الحديث وسائر علوم الدين من القاضي زكريا شيخ المفسرين فاصبح وهو لناصية العلوم آخذو حكمه في ممالك الفنون نافذ وتنقلت به الاحوال وتأخرت عنه الامثال وفاق على الاقران وسار بذكره الركبان ولما كانت فضائله ظاهرة عند سلطان القاهرة احب رؤيته واستدعاه ورفع منزلته واكرم مثواه ثم جعله معلما لابنه ومربيا لغصنه ولما وقع بين مخدومه وبين سلطان الروم من المنافسة حضر الوقعة المعروفة من جانب الجراكسة فلما التقى الجمعان وتراءت الفئتان وتقدم الابطال وتبعهم الرجال وهجم ليوث الاروام واسود الاجام على ذئاب الاعادي وثعالب البوادي وكتبوا باقلام السمر احاديث الجرح والسقام واوصلوا اليهم اخبار الموت برسل السهام وارسلوا عليهم شواظا من نار واحلوا اكثرهم دار البورا واخذ الصواعق والبروق في اللمعان الشروق وامطر عليهم السماء الحديد والحجارة وضيق عليهم هذه الدارة وسالت بدمائهم الاباطح وشبعت من لحومهم الجوارح لم يثبت الجراكسة الاساعة من النهار ثم بدلوا الفرار من القرار وجعلوا امام عسكر الروم يتواثبون وهم من ورائهم بهذا القول بتخاطبون :
पृष्ठ 357