الحالة الثانية: حالة سلامة خاطره، وهي المعتبرة فينتقض وضوءه إذا شك في وجود الطهر والحدث جميعا، أو تيقن بهما جميعا وشك أيهما قبل صاحبه،؛ إذ لا يقين معه في الصورتين يستصحبه ويبني عليه.
وكذلك إن تيقن الحدث وشك في الوضوء أو في بعضه، لأنه على أصل الحدث، وكذلك لو شك مع ذلك أكان قبل الحدث أو بعده؟ [فأولى] بإيجاب الوضوء.
فإن أيقن بالطهارة وشك في طروء الحدث عليها، فروى ابن القاسم في الكتاب: " أنه يعيد الوضوء "، وروى ابن وهب في غيره: أحب إلي أن يتوضأ.
واختلف الأصحاب في تأويل رواية ابن القاسم، فأجراها القاضي أبو الفرج على الوجوب.
قال القاضي أبو الحسن: " وإلى هذا كان ذهب شيخنا أبو بكر الأبهري، وأنا أختاره ". وحملها أبو يعقوب الرازي على الاستحباب.
قال القاضي أبو محمد: " وقد ذكر بعض المدنيين عن الأسلمي عن مالك فيمن أثبت أنه على وضوء، ثم شك في الحدث "، قال: " هو على وضوءه ". قال القاضي أبو محمد: " وهذا يؤيد قول من حمل رواية ابن القاسم على الاحتياط ".
واعلم أن سبب القولين تقابل الأصليين؛ إذ استصحاب أصل الطهارة يقابله أصل آخر وهو كون الصلاة في ذمته بيقين، وقد اشترط في (براءته) منها أن يدخلها متيقنا كونه متطهرا حالة الدخول، ولا يجتمع اليقين والشك، فتعينت الطهارة لبراءة الذمة.
ولو كانت الصورة بحالها، إلا أنه شك مع ذلك هل كان حدثه قبل الوضوء أو بعده؟ فالقولان جاريان، وأولى ها هنا بعدم إيجاب الوضوء.
وأما المرتد إذا عاد إلى الإسلام قبل أن يحدث، فقد اختلف في تأثير الارتداد في نقض وضوئه على روايتين، سببهما الخلاف في الإحباط بدون الموافاة، هل يحصل أم لا؟ وجعله أبو الحسن اللخمي من الرفض.
1 / 49