مدار التكليف والباري لا ينظر إلا إليه وهذا أصل مدار علوم السالكين ومقامات العارفين من الأنبياء والأئمة المعصومين والأولياء المقربين (صلوات الله عليهم أجمعين) لعل من لعال السالك لا من لعال الهالك السعادة التامة والتشرف مرضي الباري عز وجل ونيل المنزلة عنده إنما يحصل بالإقبال بالقلب حال العبادة وإلا كانت كالجسد من غير روح والكلام من غير معين فإذا وقفت في صلاتك بين يدي ربك فاعلم أنك بحضرته وهو يراك فالزم قلبك الخشوع والتذلل والخوف وبدنك السكون قال الله تعالى الذين هم في صلاتهم خاشعون والباري عز وجل ملك الملوك وجبار الجبابرة وهو مطلع على سريرتك فكما نهيت في الصلاة من الالتفات يمينا وشمالا كذلك يجب عدم الالتفات بالقلب إلى سواه.
ولنوضح ذلك بمثال لو كان زيد وعمرو متساويان في المرتبة وأقبل زيد على عمرو يحدثه وينادمه ويعظه وينصحه ويعلمه ولم يقبل عمرو عليه ولا أعطاه إذنه ولا قلبه وجعل يشتغل حال كلام زيد ببعض مهماته الدنية الحقيرة وأقبل على شخص آخر هو في المرتبة أدنى من زيد فلا شك أن زيدا يمتلئ غضبا وحنقا ويعد عمرا مسيئا للأدب وربما لا يكلمه أصلا وربما يهينه إذا قدر على إهانته هو مثله في المرتبة فكيف برب الأرباب وملك الملوك ونحن وقوف بين يديه في الصلاة وهو
पृष्ठ 38