285

وأما غسل أعضاء الوضوء فأكثر ما قيل في الغسل: إنه إمساس العضو الماء حتى يسيل مع الدلك، والقصد أن يسيل الماء من الجزء الذي وقع عليه إلى ما لديه لا يشترط أن ينتهي إلى الأرض ولا أن يصب الماء صبا، وهذا أمر يسير إذا تأمله متأمل وحد الفرض ينقضي بأقل شئ من الماء وأقل عمل باليد فإنما القصد بالدلك إجراء اليد على الجسد مع قليل اعتماد لا مشقة فيه ولا إيلام ولا كثير حركة.

ثم قد ندبت التثنية والتثليث مما قال الزيادة على ذلك، هذا في أمر الوضوء، وكذلك في أمر الغسل القصد إزالة النجاسة على ما ذكر، ثم إجراء الماء على البدن مع ما تيسر من الدلك على وجه يقتضي أن يسيل الماء من جانب إلى جانب، ولوقف أنه لم ينته إلى الأرض منه قطرة فيا عجبا من هذا الابتداع الذي لا غرض فيه ولا وجه يقتضيه، ما الموجب لصب الماء الكثير والدلك المتكرر وإتعاب النفس في ذلك وتضييع الوقت!!، وليتأمل من له أدنى عقل هل يليق به امتحان نفسه وإضاعة وقته وإهماله ما يعود عليه نفعه على هذا الوجه ما هذه إلا بطالة وضلالة، وسلوك في سبيل البلسة، واستعمال لما يستعمله إلا من لا عقل له إذ العاقل لا يحمل المشقة إلا لأحد أمرين أو لكلتيهما إما غرض ديني أو غرض دنيوي وهذا خال عنهما، أما الديني فالغرض يحصل باتساع السنة والإتيان بما كلف به على الوجه المشروع وفي ذلك مخالفة لهذا.

وأما الدنيوي فلا نفع في ذلك ولا دفع ضرر، وإنما هو مشقة تذهب هدرا ويرجع فيه صاحبه إلى الوراء.

पृष्ठ 294