انصرفت قبل أن ينتهي الاجتماع. ومررت في طريق عودتي بسوق الدلالين حيث تباع الملابس القديمة.
الأحد 9 ديسمبر
اليوم عطلتي الأسبوعية من المعهد. قضيته في دراسة اللغة. لا أحتمل يوما لا أراها فيه.
صليت في مسجد ستي زينب ثم خرجت عند العصر. مررت بحانوت خراط في مبتدأ الأشرفية. كنت دائما أتوقف عنده لأرقب براعته في تحريك الآلة القاطعة بإبهام قدمه اليمنى على الشيء المراد تشكيله بينما يحرك قوسا بيده اليمنى. فوجئت به واقفا خلف منصة تحمل شتى أنواع الأطعمة والمقليات.
قال عندما أبديت استغرابي: أكثر الصنائع كسدت لانعدام طلابها. ولم يعد يروج غير الأكل.
استفسرت عن ابنه الذي يعاونه. قال إنه اشترى حمارا ويعمل مكاريا. وهو يتكسب جيدا؛ فالكثير من الفرنسيين يدفع أجرة كبيرة ويظل طول النهار فوق ظهر الحمار بدون حاجة سوى أن يجري به مسرعا في الشارع. وطبعا يجري ابنه خلفه، ويعود آخر اليوم مقطوع النفس.
فكرت في شراء هدية لبولين فاتجهت إلى وكالة العجاتية حيث تباع قلادات المرجان. ثم عدلت عن ذلك إلى شراء شال من واردات أوروبا في خان الخليلي، ثم قدرت أن الأفضل والأرخص أن يكون من الصناعة المحلية. ذهبت من بين القصرين إلى سوق أمير الجيوش برأس حارة برجوان حيث يوجد الرفاءون والحياكون. اشتريت شالا من صناعة المحلة الكبيرة، ثم مضيت إلى مقهانا المعتاد عند قنطرة الموسكي.
كان ممتلئا برواده من الزعر والسريحة والمكارين. واحتل الشاعر دكته المعهودة. ووجدت عبد الظاهر في انتظاري. تحدثنا عن كساد غالب البضائع وغلوها، وانقطاع الأخبار من الخارج، ووقوف الإنجليز في البحر، وشدة حجزهم على الصادر والوارد، حتى غلت أسعار جميع الأصناف المجلوبة من البحر الرومي.
انضم إلينا حنا وكان معه كتيب فرنسي به ما يدعى بإعلان حقوق الإنسان الذي أصدره الفرنساوية في مستهل ثورتهم. ترجم لنا معجبا مادة عن حق الإنسان في الحرية والملكية والأمن ومقاومة الاضطهاد. حكيت لهما عن عملي الجديد. وطلب مني حنا أن أتوسط له في العمل معي. تخيلته يتحدث بطلاقة مع بولين فهو يعرف اللغة أحسن مني. ووعدته بغير حماس.
سألناه عن زينب، فقال إنه لا يكاد يراها، وإنها تخرج كل يوم بصحبة امرأة فرنسية. وأحيانا يرافقها واحد من قادتهم.
अज्ञात पृष्ठ