وصباح اليوم دوى طرق عنيف على الباب الخارجي. فهرعت إليه وسبقني جعفر لفتح الباب. ألفينا أمامنا جنديا فرنساويا وبرفقته اثنان من أصحاب الدرك، وامرأة شامية سافرة الوجه. قال لهم جعفر إن الشيخ في الأزهر، فطلبوا أسماء الساكنين وسجلها أحد الدركيين في دفتر كبير. ثم أمرنا ألا نسكن أحدا من الأغراب، وأن نضع على الدار قنديلا ونلازم الكنس والرش وتنظيف الطريق من القاذورات. وألا ندفن ميتا بالترب القريبة من المساكن، كتربة الأزبكية، والرويعي، وإنما نستخدم القرافات البعيدة في باب اللوق وعرب اليسار والخليفة وغيرها.
قلت للدركي إن هذه أوامر كثيرة ومن الصعب أن نتذكرها كلها.
تطلع إلي في صمت برهة، ثم قال: لم أنته. وأمرنا بترك الفضول والكلام في أمور الدولة. فإذا مر علينا جماعة من العسكر الفرنساوية مجروحين أو منهزمين لا نسخر بهم، ولا نصفق عليهم كما هي العادة.
سألته: هل هذا هو كل شيء؟
قال: عليكم أيضا بنشر الثياب والأمتعة والفرش بالأسطح خمسة عشر يوما، وتبخير البيوت، كل ذلك للخوف من حصول الطاعون.
قال جعفر إن الفرش منشور في الشمس.
قال الدركي: لا بد أن نتأكد.
قلنا: إن الصعود إلى أماكن النساء مستحيل.
قال: لهذا أحضرنا المرأة معنا.
صعدت المرأة إلى أعلى الدار. وعندما عادت كتبوا بذلك أوراقا ألصقوها على الباب الخارجي.
अज्ञात पृष्ठ