انطلقت إلى مصر عتيقة. وقرب النيل نزلت منحدرا إلى الدير. طرقت بابا صغيرا مصفحا بالحديد. فتح لي البواب وفي يده مصباح زيتي. سرنا في زقاق ضيق على جانبه أزقة أخرى مثله حتى باب صغير آخر يؤدي إلى غرف الدير.
التقانا قسيس يرتدي قباء من الجوخ شد فوق وسطه بحبل، وعلى رأسه طاقية سوداء مستديرة، وفي قدميه نعل مشدود إلى أصابعه بسيور من الجلد. أكد لي أن حنا لم يأت منذ عدة أسابيع.
مضيت إلى بيت عبد الظاهر قرب قناطر السباع. تركت حماري بعيدا عن الحوش الذي يسكن به. واقتربت منه وأنا أتطلع حولي في إمعان. خشيت أن يكونوا قد توصلوا إليه ووضعوا عينا عليه.
لم أر ما يدل على وجود أحد؛ فتجرأت وولجت الحوش واقتربت من الكوخ الذي يقيم به وناديت عليه. ردت أمه النداء وخاطبتني من خلف الباب: مين؟
قلت لها اسمي فرحبت بي في حزن. سألتها عن ابنها، فقالت: إن الحكام أخذوه منذ أيام. قلت: ماذا قالوا عن السبب؟ قالت: فهمت أنهم مسكوه مع فرنساوي هارب. وكانوا يسألونه عن شركائه. سألتها بصوت مرتجف: هل قال لهم؟ قالت بزهو: أنت لا تعرف عبد الظاهر. لا يمكن أن يشي بصديق. ثم تغير صوتها وقالت: هذا ما أخشاه. فسيضربونه وربما قتلوه. بدأت تنتحب فأخذت أحاول طمأنتها، قلت: إن الفرنساوية لا يقتلون بغير تحقيق ومحاكمة. ثم وعدتها أن أبحث عنه وأبلغها بمصيره.
الأربعاء 18 ديسمبر
قال لي جاستون إنهم تحققوا من سقوط العريش في يد عساكر العثمانيين. كان يعبث بأوراق أمامه. ثم تناول فنجان قهوة وارتشف منه بصوت مسموع متلذذا. قال: اكتشفوا أيضا شبكة مصرية لتهريب الجنود الفرنساوية.
تجمد الدم في عروقي وتأملني الصباغ في فضول.
سألته: ومن يديرها؟
قال: المماليك.
अज्ञात पृष्ठ