قيل له: أنكرنا التئام ذلك كله على معنى واحد من أحد هذين الوجهين؛ لأنا علمنا أنا لو حملنا الإرادة والمشيئة على معنى العلم والقدرة وقد علمنا وصح في معقولنا أنهما غير محدثين ولا مخلوقين، وأن الله العالم القادر بنفسه ، لوجب علينا أن نقول: إن المشيئة والإرادة غير محدثتين ولا مخلوقتين، وإنهما صفتان للقديم الواحد، الدائم الماجد؛ لأنه لا يكون قديما إلا الله وحده لا شريك له؛ فلو قلنا ذلك؛ لوجب علينا أن نقول: إن الله سبحانه قد شاء إغراق فرعون وقومه، قبل خطئهم وعصيانهم له، فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ولوجب علينا أن نقول: إن الله قد شاء أن يسخط على إبليس، وشاء إخراجه من الجنة؛ قبل خطيئته وعصيانه له، وقد بين وأخبر ربنا عن نفسه؛ أنه لا يشاء عقوبة عبد من عبيده؛ إلا من بعد الإعذار والإنذار.
وأنا(1) لو حملنا العلم والقدرة على معنى الإرادة والمشيئة، وقد علمنا وصح عندنا أنهما حاثتان، ولو قيل بذلك لكان يلزم من قال به أن يكون قد ألحق بالله تعالى عن ذلك الجهل؛ في الدهر الذي كان قبل تكوين العلم وإحداثه، ولكان قد ألحق(2) بالله في قوله العجز؛ إذ كانت القدرة حادثة فيما كان قبل تكوين القدرة وإحداثها.
فسبحان المتعالي عن قول القائلين، وعن كل وصف الواصفين، فقد بان ولله الحمد وصح(3) لذوي العقول والفطن والأفهام؛ ما سمينا من الإختلاف، وتباعد الإئتلاف.
تمت المسألة بحمد الله ومنه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
****
पृष्ठ 273