فلم تمض أربعة أيام حتى استعد الجيش للمسير ليحارب عدوا هائلا وأسدا رابضا، سار الجيش وصراخه يصم الآذان؛ قائلا: لتحي بولاندا، ليحي الوطن، ليسقط الأتراك، ليعش جون سوبيسكي.
وهكذا نسي الشعب في ذلك الوقت أضغانه السابقة، لأولئك الذين جعلوا همهم قتله، والتضييق على حريته.
تناسوا الأضغان، وإنما لأن الوطن في ضيق يجب عليهم أن يساعدوه بكل قواهم، وأن يبذلوا جهدهم لينقذوه من مركزه الحرج، وبعد ذلك يولون وجوههم شطر أولي الأمر؛ فيحاسبونهم على غلطاتهم الماضية، على استبدادهم وتعسفهم على قوانينهم القتالة.
وعلى هذا النمط سار ذلك الجيش تحت أمر قائد مدرب خبير وكلهم قلب واحد، يطيعون أمره إطاعة الرضيع لوالدته.
فلنسر معه خطوة خطوة حتى نلتقي بالأتراك في جوقزين؛ فنرى كيف يكون الغلط أصل التقهقر بل كيف ينتصر الجيش ما دام متحدا قويا يقوده رجل محنك وطني كسوبيسكي.
الفصل الخامس
جوقزين ولمبرج
جوقزين ولمبرج هما اسما تلك الواقعتين اللتين حارب فيهما سوبيسكي محاربة الضعيف اليائس، ولكن بعزيمة لا تفل، وقوة لا تمل، فقد استعمل قواه وأجهد فكرته في إيجاد طريقة لهزيمة عدوه.
وقد كلل عمله بالنجاح وظفر أخيرا على الأتراك وهزمهم شر هزيمة في الواقعة الأولى «جوقزين»، ومن ثم سار متبعا إياهم إلى أن لحقهم في «لمبرج» وبقوة المنتصر ألحق بهم خسارة عظيمة وهزمهم.
تحققت نبوءته يوم قال لصوفيا: «تلاق يعقبه انتصار وفرح» فانقلب يأسه شجاعة، وود لو قابل الأتراك ليقهرهم ثالثة، ولكن هي الدنيا «يوم لك ويوم عليك».
अज्ञात पृष्ठ