دَخَلَ عَلَيْهَا وَلَدهَا يَوْمًا فِي خَلْوَتهَا فَرَآهَا تَبْكِي وَرَأَى فِي يَدهَا صُورَة فَتُبَيِّنهَا فَإِذَا هِيَ صُورَة خَاله فَأَلَم بِسَرِيرَة نَفْسهَا وَأَمْسَكَ بَيْن أَهْدَاب عَيْنَيْهِ دَمْعَة مُتَرَقْرِقَة مَا تَكَاد تَتَمَاسَك فَمَشَى إِلَيْهَا حَتَّى وَضْع يَده عَلَى عَاتِقهَا وَقَالَ رَفِّهِي عَنْ نَفْسك يَا أُمَّاه فَسَتَعْلَمِينَ خَبَر غائبك عَمَّا قَلِيل فَتُطْلِق وَجْههَا وَأَضَاءَ وَقَالَتْ كَيْفَ اَلسَّبِيل إِلَى ذَلِكَ قَالَ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ مَعْرَضًا سَيُقَامُ لِلرَّسْمِ فِي وَاشُنْطُون حَاضِرَة أَمْرِيكَا بَعْد بِضْعَة شُهُور وَأَنَّهُمْ قَدَّرُوا لَهُ جَوَائِز مُخْتَلِفَة صُغْرَى وَكُبْرَى وَقَدْ وَعَدَنِي بَعْض أَصْدِقَائِي أَنْ يُسَاعِدنِي عَلَى اَلشُّخُوص إِلَيْهِ عَلَنِي استطيع أَنْ أَنَال مَاتَ أُقِيم بِهِ وَجْهِي وَأُنْقِذ بِهِ نَفْسِي وَنَفْسك مِنْ هَذَا اَلشَّقَاء هُنَالِكَ أُفَتِّش عَنْ غائبك حَتَّى أَجِدهُ أَوْ أَجِد مُنْقَطِع أَثَره فاستسر بِشَرِّهَا اَلَّذِي كَانَ مُتَلَأْلِئًا وَقَالَتْ لَا تَفْعَل يَا بَنِي فَمَا أَنَا بِشَقِيَّة مَا رَأَيْتُك بِجَانِبِي وَمَا أَنْتَ بِشِقِّي مَا قَنِعَتْ بمات قِسْم اَللَّه لَك وَلَئِنْ فَعَلَتْ لَا تكونن اِمْرَأَة عَلَى وَجْه اَلْأَرْض أَعْظَم مِنِّي لَوْعَة وَلَا أَشْقَى وَلَئِنْ بَكَيْت لِفِرَاق أَخِي مَرَّة فَسَأَبْكِي لِفِرَاقِك أَلْف مَرَّة وَإِنِّي كُلَّمَا ذَكَّرْته وُجِدَتْ فِي وَجْهك اَلْعَزَاء عَنْهُ فَمَنْ لِي بِالْعَزَاءِ عَنْكُمَا إِنْ فَقَدَتْ وَجْهَيْكُمَا مَعًا.
فَمَا زَالَ يُرَوِّضهَا وَيَمْسَحهَا وَيُمَنِّيهَا فِي رِحْلَته اَلْأَمَانِي اَلْعَذَاب حَتَّى أَسْلَسَتْ وَهَدَأَتْ وَأَسْلَمَتْ إِلَى اَللَّه أَمْرهَا.
وَمَا هِيَ إِلَّا أَيَّام قَلَائِل حَتَّى ضَرْب اَلدَّهْر بَيْنهمَا بِضَرَبَاتِهِ فَإِذَا اَلْأُمّ وَحِيدَة فِي فرنسلا لَا مُؤْنِس لَهَا وَإِذَا اَلْوَلَد غَرِيب فِي أَمْرِيكَا لَا يَعْرِف لَهُ سَنَدًا وَلَا عَضُدًا. وَصَلَ اَلْفَتَى إِلَى مَعْرَض اَلرَّسْم فَعَرْض رَسْمه هُنَاكَ وَكَانَ
1 / 23