चार्ल्स डार्विन: उनका जीवन और पत्र (भाग एक)
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
शैलियों
إنني أتذكره قبل أعوام طويلة في احتفال بتعميد طفل، وهي ذكرى لم تغب عني؛ إذ بدا ذلك حادثا استثنائيا وغريبا للغاية بالنسبة إلينا كأطفال. وأتذكر أيضا نظرته في جنازة أخيه إيرازموس بوضوح شديد، وهو واقف بين الثلج المتناثر ملتفا بمعطفه الأسود الطويل المخصص للجنائز، وقد ارتسمت على وجهه نظرة وقورة تنم عن استغراق حزين.
وحين حضر مجددا بعد سنوات عديدة، اجتماعا للجمعية اللينية، شعر كأنها مهمة خطيرة، وقد كانت كذلك بالفعل؛ فلم يكن ليتخذ قرارا كهذا دون الشعور بالقلق والخوف ولم يكن لينفذه دون أن يتحمل عاقبة ذلك من المعاناة والتعب. وبالمثل، فقد تسبب له حفل إفطار قد دعي إليه لدى السير جيمس باجيت، مع بعض الضيوف المميزين للمؤتمر الطبي عام 1881، بالإجهاد الشديد.
لقد كان الصباح المبكر هو الوقت الوحيد الذي يتمكن فيه من بذل مثل هذا المجهود، مع بعض الحصانة مما كان يليه من تعب وإرهاق؛ بالتالي، كان يفضل أن يقوم بزياراته إلى أصدقائه من رجال العلم في لندن، في أبكر وقت ممكن مثل العاشرة صباحا. ولهذا السبب أيضا، كان يبدأ رحلاته في أول رحلة قطار في الصباح، وقد اعتاد أن يصل منازل أقربائه في لندن بينما كانوا ما يزالون يبدءون يومهم.
كان يحتفظ بسجل دقيق للأيام التي كان يعمل فيها والأيام التي كان فيها اعتلال صحته يحول بينه وبين العمل؛ ومن ثم يتمكن من حساب عدد الأيام التي ضاعت سدى في أي سنة محددة. وكان هذا السجل عبارة عن مفكرة صفراء ليتس صغيرة، كان يتركها مفتوحة على رف المدفأة، ومن تحتها مفكرات الأعوام السابقة ، وقد كان يسجل فيها أيضا اليوم الذي يبدأ فيه عطلته ويوم عودته منها إلى المنزل.
كانت أكثر عطلاته تواترا هي زياراته إلى لندن لمدة أسبوع لزيارة منزل أخيه (6 شارع كوين آن) أو منزل ابنته (4 شارع بريانستون). وعادة ما كانت أمي هي التي تقنعه بأخذ هذه العطلات القصيرة حين يتضح من زيادة تواتر «الأيام السيئة» أو دوار الرأس الذي يصيبه أنه قد أنهك نفسه في العمل أكثر من اللازم. كان يذهب دون رغبة حقيقية منه، ويظل يعقد معها صفقات شديدة؛ فيشترط مثلا أن يعود إلى البيت بعد خمسة أيام بدلا من ستة. وحتى إن كان مسافرا لأسبوع واحد فقط، كان لا بد من البدء في حزم الأمتعة مبكرا في اليوم السابق للسفر، وكان يقوم هو بنفسه بالجزء الأكبر من هذا فيما يتعلق بأمتعته. وكان الجزء الأكبر من مشقة الرحلة يتمثل بالنسبة له، في السنوات الأخيرة على الأقل، في الترقب، وفي ذلك الشعور الغامر بالبؤس الذي كان يعاني منه قبل الرحلة مباشرة؛ فرحلة طويلة بعض الشيء، مثل تلك الرحلة التي قام بها إلى كونيستون، لم ترهقه إلا بالقدر القليل على نحو يثير الدهشة، مقارنة بمدى الاعتلال الذي كان يعاني منه، ولا شك في أنه قد استمتع بها إلى حد غريب وبطريقة صبيانية بعض الشيء.
وبالرغم من أن بعض قدراته الجمالية بحسب قوله قد أخذت تضعف بالتدريج، فإن حبه للمناظر الطبيعية ظل حاضرا وقويا؛ فكل جولة كان يقوم بها في كونيستون كانت تمنحه متعة جديدة، وهو لم يمل قط من الثناء على جمال الريف المتقطع بالتلال الموجود عند رأس البحيرة.
ومن الذكريات السعيدة في هذا الوقت (1879) تلك الخاصة بزيارتنا المبهجة إلى جراسمير، والتي كتبت عنها أختي: «إن اليوم المثالي واستمتاع والدي المفعم بالحيوية وانطلاقه قد رسما صورة في ذهني أحب أن أتذكرها. إنه لم يكن يطيق أن يجلس ساكنا في العربة عند دورانها، بل كان ينهض كي يستمتع بالمنظر من كل نقطة جديدة، وحتى أثناء العودة، ظل يتحدث عن جمال بحيرة رايدال ووتر ، رغم أنه لم يكن ليسمح بالقول بأن جراسمير تتساوى على الإطلاق مع محبوبته كونيستون.»
وإلى جانب هذه العطلات الطويلة، كان يقوم بزيارات أقصر منها إلى الأقارب، مثل زيارته إلى منزل زوج أخته بالقرب من تل ليث هيل، ومنزل ابنه بالقرب من ساوثامبتون. وهو دائما ما كان يستمتع على وجه الخصوص بالتجول بأراضي الريف المفتوحة الخشنة، مثل الأراضي العامة الموجودة بالقرب من تل ليث هيل وساوثامبتون، أو الأراضي البور المغطاة بنبات الخلنج التابعة لغابة آشداون أو الأرض «الخشنة» المبهجة بالقرب من منزل صديقه السير توماس فارار. لم يكن متكاسلا حتى وهو في هذه العطلات، وكان يجد أشياء ليقوم بملاحظتها؛ ففي هارتفيلد، أخذ يشاهد نبات الندية وهو يمسك بالحشرات وما دونها، وفي توركي، كان يلاحظ تلقيح أحد أجناس السحلبيات (اللولوبة)، وكذلك توصل إلى العلاقات بين الجنسين فيما يتعلق بنبات الزعتر.
كان يبتهج دوما بعودته إلى البيت بعد عطلاته، وكان يستمتع كثيرا بما كان يلقاه من ترحاب من كلبته بولي، التي كانت تصبح جامحة من فرط الإثارة، فتظل تلهث وتنبح بصوت حاد، وتندفع في الغرفة صعودا على الكراسي وهبوطا منها، وقد اعتاد أن ينحني إلى الأسفل حتى يصل إليها ويقرب وجهه إلى وجهها ويتركها تلعقه، بينما يتحدث إليها بصوت رقيق وملاطف للغاية.
لقد كان أبي يتمتع بالقدرة على أن يضفي على هذه العطلات الصيفية سحرا تشعر به جميع الأسرة بقوة. لقد كان ضغط العمل الذي يعاني منه في البيت يتطلب منه أن يتحلى بأقصى حد من قدرته على التحمل، وحين كان يتحرر منه، فإنه كان يستقبل العطلة باستمتاع شبابي يجعل صحبته أمرا باعثا على البهجة، وكنا نشعر بأننا نرى منه في أسبوع العطلة ما لا نراه على مدى شهر في البيت.
अज्ञात पृष्ठ