चार्ल्स डार्विन: उनका जीवन और पत्र (भाग एक)
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
शैलियों
لقد رأيت ذات يوم بينما كنت أسير معه في شوارع كامبريدج منظرا مريعا وكأننا نشاهد حدثا من الثورة الفرنسية؛ فقد شهدنا اعتقال اثنين من نباشي القبور، وبينما هما يؤخذان إلى السجن، حررهما من رجل الشرطة حشد من بعض الرجال الأشداء الذين راحوا يسحبونهما من سيقانهما عبر الطريق الموحل والحجري. كان الوحل يغطيهما تماما، وقد نزفا من وجهيهما، سواء من تلقي الركلات أو من الحجارة. كانا يبدوان كالجثث، لكن الحشد كان كثيفا للغاية؛ فلم أبصر هذين الكائنين البائسين سوى للحظات خاطفة. ولم أر في حياتي غضبا أشد من ذلك الذي رأيته مرتسما على وجه هنزلو حين رأينا ذلك المشهد البشع. لقد حاول أن يخترق الحشد مرارا، لكن ذلك كان محالا؛ فاندفع مسرعا إلى العمدة، وأخبرني بألا أتبعه، وطلب مني أن أذهب لإحضار المزيد من رجال الشرطة. وقد نسيت القضية فيما عدا أن الرجلين قد دخلا السجن دون أن يقتلا.
لقد كان إحسان هنزلو واسعا ولا حدود له، كما قد أثبتت ذلك خططه الممتازة لمساعدة الفقراء من سكان أبرشيته، وذلك حين أصبح كاهنا لأبرشية هيتشام بعد ذلك بسنوات. لا بد أن لصداقتي مع رجل مثله فائدة كبيرة للغاية. ولا أستطيع هنا أن أقاوم ذكر هذه الحادثة البسيطة، التي تبرز تفهمه وعطفه؛ فبينما كنت أفحص بعض حبوب اللقاح على سطح رطب، لاحظت أن الأنابيب بارزة؛ فاندفعت ذاهبا إليه أخبره باكتشافي المدهش. والآن لا يسعني إلا أن أتخيل أن أي عالم نبات آخر لم يكن ليفعل أي شيء آخر سوى السخرية مني ومن مجيئي في مثل هذه العجلة لأخبره بذلك، غير أنه اتفق معي في أنها ظاهرة غريبة، وشرح لي معناها، ثم أوضح لي أيضا أنها ظاهرة معروفة للغاية؛ ومن ثم، فلم أكن خجلا من نفسي على الإطلاق، وإنما كنت مسرورا لأنني اكتشفت هذه الحقيقة بنفسي، غير أنني قد عزمت على ألا أسرع في التصريح باكتشافاتي بعد ذلك.
كان الدكتور هيوويل أحد الرجال الكبار السن المميزين الذين كانوا يأتون لزيارة هنزلو، وفي كثير من الأحيان، كنت أصحبه سيرا على الأقدام إلى منزله ليلا. وقد كان يلي السير جيه ماكينتوش في كونه أفضل من استمعت إليهم يتحدثون في الموضوعات المعقدة. وأما ليونارد جينينز [الذي كان سوم جينينز الشهير أحد أبناء عمومة والده] الذي نشر فيما بعد بعض المقالات الجيدة في التاريخ الطبيعي؛
1
فقد كان أخا زوجة هنزلو وكثيرا ما كان يمكث معه. لقد زرته في بيته الكنسي، الذي يقع على حدود منطقة فينز [سوافهام بولبيك]، وصحبته في العديد من الجولات التي استمتعت فيها بالحديث معه عن التاريخ الطبيعي. وتعرفت أيضا على العديد من الرجال الآخرين الذين كانوا أكبر مني سنا، ولم يكونوا من المهتمين بالعلوم، لكنهم كانوا أصدقاء لهنزلو. كان أحدهم اسكتلنديا، وهو أخو السير ألكسندر رامزي، وكان معلما في كلية يسوع: لقد كان رجلا لطيفا، لكنه لم يعش طويلا. ومن هؤلاء الرجال أيضا السيد دوز، الذي أصبح فيما بعد رئيس كاتدرائية هيرفيرد، واشتهر بنجاحه في تعليم الفقراء. وقد اعتاد هذان الرجلان وغيرهما ممن هم في المكانة نفسها أن يذهبوا مع هنزلو في رحلات بعيدة إلى الريف كان يسمح لي بالذهاب فيها معهم، وقد كانوا يعاملونني بغاية اللطف.
حين أعيد النظر في الماضي، أستدل منه على أنني كنت أتفوق على بقية الشباب في شيء ما، وإلا لما سمح لي أولئك الرجال بالاختلاط بهم، وهم أكبر مني في السن والمكانة الأكاديمية. ولم أكن مدركا لمثل هذا التفوق بالطبع، وأذكر أن صديقي تيرنر، وهو أحد الأصدقاء الذين كنت أمارس معهم الرياضة، قد رآني منشغلا بالعمل مع خنافسي؛ فقال بأنني سأصبح عضوا في الجمعية الملكية ذات يوم، وقد بدت لي تلك الفكرة حينها مستحيلة.
خلال عامي الأخير في كامبريدج، قرأت كتاب «سرد شخصي» لصاحبه هومبولت، بعناية واهتمام شديدين، وقد أثار في هذا العمل، وكذلك كتاب السير جيه هيرشيل «مقدمة إلى دراسة الفلسفة الطبيعية»، حماسا متوقدا لأن أضيف إلى ذلك الصرح العظيم للعلوم الطبيعية، حتى إن كان ما سأضيفه جزءا يسيرا للغاية. لم يؤثر في كتاب آخر، ولا حتى عشرات من الكتب، مثلما أثر في هذان الكتابان. لقد نسخت من كتاب هومبولت فقرات طويلة عن تينيريف، وقرأتها بصوت عال في إحدى تلك الرحلات السابق ذكرها، على (حسب اعتقادي) هنزلو ورامزي ودوز؛ ذلك أنني كنت قد تحدثت في مرة سابقة عن عظمة جزيرة تينيريف، وقد أعلن بعضهم عن رغبتهم في الذهاب إليها، لكنني أعتقد أنها لم تكن رغبة صادقة تماما. أما أنا، فقد كانت رغبتي صادقة تماما، وتحدثت مع تاجر في لندن كي أسأله عن السفن، لكن تلك الخطة قد ألغيت بالطبع، بسبب رحلة «البيجل».
كنت أقضي عطلة الصيف في جمع الخنافس وقراءة بعض الكتب والذهاب في جولات قصيرة. أما في الخريف، فقد كان وقتي كله مخصصا للصيد، لا سيما في وودهاوس ومير، وأحيانا مع إيتون الصغير في إيتون. وبصفة عامة، فإن السنوات الثلاث التي قضيتها في كامبريدج، كانت هي الأكثر مرحا في حياتي السعيدة؛ إذ كنت آنذاك بصحة ممتازة ومنشرح الصدر في معظم الأوقات.
حيث إنني قد قدمت إلى كامبريدج في البداية في أعياد الميلاد؛ فقد كان علي أن أدرس لفصلين دراسيين بعد النجاح في الاختبار النهائي، في بداية عام 1831، وقد أقنعني هنزلو آنذاك بأن أبدأ في دراسة الجيولوجيا؛ ولذا حين عدت إلى شروبشاير، رحت أفحص القطاعات، وقمت بتلوين خريطة خاصة بالأجزاء المحيطة بشروزبيري. وكان البروفيسور سيجويك ينوي زيارة شمال ويلز في بداية أغسطس ليستكمل أبحاثه الجيولوجية الشهيرة على الصخور القديمة، وقد طلب منه هنزلو أن يصحبني معه؛ وبناء على ذلك، فقد أتى وبات الليلة في منزل أبي.
دخلت معه في محادثة قصيرة في ذلك المساء، والتي قد تركت انطباعا قويا في ذهني. كان أحد العمال قد أخبرني أنه بينما كان يفحص حفرة قديمة من الحصى بالقرب من شروزبيري، قد وجد صدفة حلزونية استوائية كبيرة وبالية، كالتي نراها في القطع التي تزين مدافئ البيوت الريفية، ولأنه رفض بيع الصدفة، فقد كنت مقتنعا بأنه وجدها في الحفرة بالفعل. أخبرت سيجويك بالواقعة، وفورا قال (وكان محقا بلا شك) إنه لا بد أن أحدا قد ألقاها في الحفرة، لكنه أضاف بعد ذلك أنها إن كانت جزءا من الحفرة بالفعل، فسوف تكون كارثة عظيمة للجيولوجيا؛ إذ إن ذلك سيطيح بكل ما نعرفه عن الرواسب السطحية في مقاطعات منطقة ميدلاند. والواقع أن هذه الطبقات الأرضية من الحصى تعود إلى العصر الجليدي، وقد وجدت فيها بعد ذلك بسنوات بعض الأصداف القطبية المكسورة. لكنني كنت في غاية الدهشة حينذاك من أن سيجويك لم يكن مسرورا بهذا الاكتشاف الرائع لوجود صدفة استوائية بالقرب من السطح في وسط إنجلترا. وبالرغم من قراءتي للكثير من الكتب العلمية المتنوعة، فإن تلك الحادثة هي أول ما جعلني أدرك تماما أن العلم يقوم على تجميع الحقائق؛ بحيث يمكن استخلاص النتائج والقوانين العامة منها.
अज्ञात पृष्ठ