चार्ल्स डार्विन: उनका जीवन और पत्र (भाग एक)
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
शैलियों
5
أما فيما يتعلق بذوقه في اللبس، فقد كان تقليديا متحفظا، وظل حتى آخر حياته يرتدي السراويل القصيرة التي تصل إلى الركبتين، والجراميق القماشية، والتي لم تصل بالتأكيد إلى ما فوق الركبة، كما قالت بذلك الآنسة ميتيارد، وإنما كان ما وصفته زيا يرتديه بصفة أساسية رماة القنابل اليدوية في عهد الملكة آن، وكذلك قطاع الأخشاب وعمال الحرث في العصر الحديث.
كان تشارلز داروين يكن أقوى مشاعر الحب والاحترام لذكرى والده. وقد كان يتذكر كل ما يتعلق به بوضوح شديد، وكثيرا ما كان يتحدث عنه؛ فغالبا ما كان يبدأ أي حكاية سيرويها عنه بأن يقول مثلا: «كان والدي، وهو أحكم من عرفت من الرجال ...» ومن المدهش أنه كان يتذكر آراء والده بكل وضوح؛ ومن ثم، فقد كان بإمكانه أن يذكر بعض مبادئه أو إرشاداته في معظم الحالات المرضية. وبصفة عامة، فإنه لم يكن يثق كثيرا بالأطباء؛ لذا فإن ثقته المطلقة فيما يتمتع به الدكتور داروين من قدرة ومهارة في الطب وكذلك في أساليب العلاج التي كان يتبعها لهو أمر أكثر غرابة.
لقد كان يبجله تبجيلا لا محدودا وصادقا. كان يميل للتخلي عن عاطفته في أي رأي يصدره على الإطلاق، أما ما يرد من والده، فقد كان يصدقه ويثق به ثقة شبه مطلقة. لقد ذكرت ابنته السيدة ليتشفيلد أنها تتذكر قوله بأنه يتمنى ألا يصدق أي من أبنائه شيئا لأنه قد قاله، ما لم يكونوا هم مقتنعين بأن تلك هي الحقيقة؛ وهي رغبة تتعارض تعارضا صارخا مع سلوكه فيما يتعلق بتصديق ما ورد عن والده.
استطاعت ابنة تشارلز داروين من خلال الزيارة التي قامت بها هي وهو إلى شروزبيري عام 1869 أن تدرك بوضوح مدى حبه لمنزله القديم؛ فقد راح قاطن المنزل آنذاك يطوف بهم في أرجائه، وقد أخطأ في التقدير وظل مصاحبا لهم على مدى الزيارة كلها، ظنا منه أن ذلك من حسن ضيافته لهم . وبينما كانوا يغادرون، قال تشارلز داروين وفي عينيه نظرة ندم قد امتزجت بالأسى: «لو كان بإمكاني أن أختلي بنفسي في تلك الصوبة لمدة خمس دقائق، لكان باستطاعتي تخيل والدي على كرسيه المتحرك بكل وضوح وكأنه هناك أمامي.»
ولعل هذه الحادثة توضح ما أعتقد أنه الحقيقة، وهو أن أكثر ما كان يحبه تشارلز داروين من ذكريات والده، هي ذكرياته حين كان مسنا. وقد كتبت السيدة ليتشفيلد بعض الكلمات التي تصور مشاعره تجاه والده تصويرا جيدا؛ فهي تصفه وهو يقول بنبرة في غاية الرقة والاحترام: «أعتقد أن أبي كان متحاملا علي قليلا حينما كنت صغيرا، غير أنني أشعر بالامتنان إذ توطدت علاقتي به بعد ذلك وأصبحت من أقرب الناس إليه.» وهي تتذكر بوضوح شديد التعبير الذي خالطه وهو يقول تلك الكلمات؛ فقد كان يرددها وكأنه في حلم سعيد، وكأنه يستعيد العلاقة كلها في ذاكرته وقد تركته الذكرى في حالة من السلام والامتنان العميقين.
وفيما يلي مقتطف كتبه تشارلز داروين في سيرته الذاتية، وذلك في عام 1877 أو 1878:
أعتقد أنني سأضيف هنا بضع صفحات عن والدي، الذي كان رجلا عظيما من نواح عديدة.
لقد كان يبلغ من الطول ستة أقدام وبوصتين، وقد كان عريض الكتفين وممتلئ الجسم بحيث كان أضخم رجل عرفته على الإطلاق. وفي آخر مرة قد وزن فيها نفسه، كان يزن 24 ستونا، لكن وزنه قد ازداد بعد ذلك بدرجة كبيرة. وقد كانت أهم سماته الذهنية هي قوة الملاحظة والقدرة على التعاطف، ولم أعرف قط أحدا تفوق عليه في هاتين الصفتين أو كان ندا له فيهما. ولم تكن ملكة التعاطف لديه تقتصر على التعاطف مع أحزان من هم حوله فحسب، وإنما مع أفراحهم أيضا، بل إنه كان يتعاطف مع أفراحهم بدرجة أكبر. ولهذا فقد كان دائما ما يسعى إلى إسعاد الآخرين، والقيام بالعديد من الأعمال الخيرية، وذلك بالرغم من كرهه للإسراف في العطاء؛ فعلى سبيل المثال، أتاه في أحد الأيام السيد ب... وهو أحد صغار المصنعين في شروزبيري، وقال له إنه سيفلس إن لم يتمكن من اقتراض عشرة آلاف جنيه في الحال، لكنه لا يستطيع أن يقدم على ذلك أي ضمانة قانونية، فسمع منه والدي ما يبرر أنه سيتمكن من رد هذا المبلغ في النهاية، وقد تيقن بما له من حدس رائع، أن الرجل محل ثقة؛ ومن ثم، أقرضه ذلك المبلغ، الذي كان مبلغا كبيرا جدا بالنسبة إليه، إذ كان لا يزال شابا، لكن الرجل رده إليه بعد فترة من الوقت.
أعتقد أن ملكة التعاطف لديه هي ما مهد له تلك القدرة المطلقة على الفوز بثقة الآخرين، مما ساهم في النجاح العظيم الذي حققه في ممارسة الطب. لقد بدأ في العمل قبل أن يبلغ من العمر واحدا وعشرين عاما، وقد استطاع من أتعابه التي جمعها خلال السنة الأولى أن يحتفظ بفرسين ويستعين بخادم. وفي السنة التالية، ازداد عمله وتوسع، وقد استمر هذا التوسع لمدة ستين عاما، توقف بعدها عن عيادة أي شخص. والواقع أن نجاحه الكبير في مهنة الطب لهو أمر مدهش للغاية؛ فقد أخبرني أنه كان يبغض عمله بشدة في البداية؛ فما كان لأي شيء أن يدفعه إلى الاستمرار فيه على الإطلاق لو أنه كان يمتلك أي دخل ولو زهيد، أو لئن أتاح له والده أي خيار آخر. لقد ظل حتى آخر حياته يكاد يشعر بالغثيان من مجرد التفكير في العمليات الجراحية، ولم يكن يطيق أن يرى شخصا ينزف - وهو سبب من أسباب الرعب قد نقله إلي - وإنني لأتذكر الرعب الذي انتابني حين قرأت وأنا صغير في أيام الدراسة عن بليني (على ما أعتقد)، الذي ظل ينزف وهو في حمام ساخن حتى مات ...
अज्ञात पृष्ठ