4
الكتاب الثالث
الفلسفة والسعادة
انظر مليا كيف يزاح كل ما هو قائم وكل ما هو قادم ويصير ماضيا ويزول زوالا، تأمل أيضا الهوة الفاغرة للماضي والمستقبل التي تبتلع كل شيء، أليس بأحمق من يعيش وسط هذا كله ثم تحدثه نفسه أن يلج في الأمل أو يهلك في الكفاح أو يسخط على نصيبه؟! وكأن أي شيء من هذا دائم له أو مقدر أن يؤرقه طويلا.
ماركوس أوريليوس، التأملات 5، شذرة 23
الفصل الأول
الفلسفة تعد بالسعادة
حين انتهت من أنشودتها كنت مأخوذا بسحر نغمها العذب، مستغرقا أود أن أظل مصغيا؛ لذا قلت بعد لحظة: «أيتها الراحة الكبرى للروح المتعبة، كم روحت عني بعميق فكرك وشجي غنائك، لقد عدت الآن قادرا على تلقي ضربات القدر، ولم أعد أوجس خيفة من العلاجات الحاسمة التي حدثتني عنها، بل أراني أتوق إلى سماعها وألح إليك في طلبها.»
ردت السيدة: «لقد عرفت ذلك حين بدأت تتشبث بكلماتي بانتباه صامت، ولقد توقعت منك هذا التوجه العقلي، أو، إن شئت الدقة، خلقته فيك، العلاجات القادمة ستكون في الحقيقة مرة المذاق، ولكنها ما أن تنسرب إلى داخلك حتى تجد لها حلاوة باطنة تشيع فيك، قلت إنك مشوق إلى سماع المزيد، وسوف يزداد اشتياقك لو عرفت إلى أين أريد أن أقودك.»
ب : «إلى أين؟»
अज्ञात पृष्ठ