216

أو للميل القسري ، لا ينتفي كل منهما بانتفائه ، وليس كذلك.

وأما الحركة الإرادية والتسخيرية ففاعلهما النفس باستخدام الطبيعة المادية التي أحدثتها في الجسم ، أعني القوة المحركة للعضلات ، والأوتار ، والرباطات ، فإن تلك القوة هي بعينها طبيعة تلك الأعضاء والآلات جعلت مطيعة للنفس بعد تحقق التخيل والإرادة والشوق ، ومعلوم بالوجدان أن الأمر المميل للجسم والصارف له من مكان إلى مكان ، أو من حال إلى حال لا يكون إلا قوة فعلية قائمة به ، وهي المسماة بالطبيعة ، فالطبيعة هي المميلة القريبة إياه.

وهذه الطبيعة غير الطبيعة الموجودة في عناصر البدن وأمشاجه بالعدد ، فإن تسخير النفس لهذه ذاتي ؛ لأنها قوة منبعثة من ذاتها ، ولتلك قسري ، ولهذا يقع الإعياء والرعشة بسبب تعصيها عن طاعتها أحيانا.

فللنفس طبيعتان مقهورتان ، إحداهما مطاوعة لها ، والأخرى مكرهة ، فثبت أن الفاعل المباشر لجميع الحركات هي الطبيعة ، إلا أنه في الطبيعية طبيعة مطلقة مجبولة ، وفي القسرية طبيعة مقسورة ، وفي الإرادية والتسخيرية طبيعة مسخرة ، والكل مما تستخدمه القوة العقلية المفارقة ، طاعة لله تعالى ؛ إذ كما أنها تقيم كلا من الصورة والمادة بالأخرى ، أو معها ، كذلك لها مدخل في إقامة كل ما يلزمهما من الاستحالات والحركات ، وغيرهما.

فالحركة بمنزلة شخص ، روحه الطبيعة ، كما أن الزمان شخص روحه الدهر ، والطبيعة بالقياس إلى النفس ، بل العقل ، كالشعاع من الشمس ، يتشخص بتشخصها. كذا أفاده أستاذنا ، سلمه الله (1).

पृष्ठ 236