* وصل
فكل فاعل لغرض يجب أن يكون غرضه ما فوقه ، وإن كان بحسب الظن ، فليس للفاعل غرض حق فيما هو دونه ، ولا قصد صادق لأجل معلوله.
وأيضا فإن ما يكون لأجله قصد يكون ذلك المقصود أعلى من القصد بالضرورة ، فلو كان إلى معلول قصد صادق غير مظنون لكان القصد معطيا لوجود ما هو أكمل منه ، وهو محال بالبديهة.
وما يرى من تحقق بعض المعلولات على حسب ما يقصده قاصد ، كحصول الصحة من قصد الطبيب في معالجة شخص ، وتدبيره إياه ، فليس بذاك ، فإن مفيد الصحة مبدأ أجل من الطبيب ، وقصده ، وهو واهب الخيرات على المواد حين استعدادها ، والقصد مطلقا مما يهيىء المادة لا غير ، والمفيد دائما أرفع من القاصد ، فالقاصد يكون فاعلا بالعرض ، لا بالذات ، وإذا قصده قاصد بفعله تحصيل صفة لنفسه ، فهو إنما أراد به نفسه مع تلك الصفة ، لا الصفة فقط ، فلا قصد منه إلى أخس ، ولا إلى المعلول.
وما يرى كثيرا من وقوع القصد إلى ما هو أخس من القاصد وقصده ، فذلك إنما يكون على سبيل الغلط والخطأ ، وربما يكون الفاعل بحسب ذاته جوهرا رفيعا أشرف مما قصده ، وبحسب مخالطته المواد وقواها الحسية والخيالية التي هي في الحقيقة توجب القصد إليه، يكون أخس منه.
पृष्ठ 171